عبرت منظمة “معاً من أجل العدالة” عن قلقها إزاء الأوضاع المتدهورة التي يعاني منها المعتقل السعودي الدكتور سعود مختار الهاشمي بعد ورود أنباء عن تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة على يد إدارة مقر احتجازه في المملكة، فضلاً عن حالته الصحية التي تزداد سوءً بفضل الإهمال الطبي والحرمان في الرعاية الصحية اللازمة.
وبحسب مصادر خاصة، قامت إدارة مقر احتجاز الدكتور سعود الهاشمي في سجن ذهبان بجدة بنقله إلى زنزانة انفرادية شديدة البرودة رغم درجات الحرارة المنخفضة بسبب فصل الشتاء، دون تزويده بأي أغطية أو ملابس ثقيلة إمعاناً في تنكيله، وبحسب المصادر، تم النقل بعد تعرض الدكتور للضرب والتعذيب والإهانة الشديدة.
يُعد الدكتور سعود الهاشمي أحد أبرز المعتقلين السياسيين في سجون المملكة العربية السعودية، والذي اعتقل عام 2007 بسبب القضية الشهيرة المعروفة باسم “خلية الاستراحة”، بعد القبض عليه مع عدد من المفكرين والعلماء والأكاديميين لاجتماعاتهم حول مناقشة كيفية ترسيخ أساليب ديموقراطية في حكم البلاد.
الدكتور سعود حسن مختار الهاشمي (مواليد 1964)، هو أستاذ طب الأسرة بكلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، واستشاري طب الأسرة بعدة مستشفيات في جدة، وله العديد من المؤلفات الطبية والأكاديمية، ولطالما مثل المملكة في المحافل الدولية والجامعات العالمية في هذا المجال، لكن هذا لم يشفع له حين تجرأ وطالب النظام بالإصلاح والعدل والديموقراطية.
يعاني الدكتور سعود الهاشمي من تاريخ طبي سيء داخل السجون السعودية بسبب سوء المعاملة وأوضاع الاحتجاز المزرية والحرمان من الأدوية، إذ سبق وأصيب بجلطات دماغية داخل محبسه في سجن ذهبان في سبتمبر/أيلول 2016، فضلاً عن إصابته بعدد من الأمراض التي جعلته يبدو وكأنه أكبر من عمره بعقود.
أغلب فترات احتجازه، تم حبس الدكتور سعود في زنزانة انفرادية ضيقة بلا أي مرافق، تعرض خلالها للتجويع كثيراً، كما حُرم من التريض أو التواصل مع أحد، وقد أدت كل هذه الظروف مجتمعة إلى إصابته بجلطة دماغية أفقدته الحركة لبعض الوقت، وعلى الرغم من ذلك لم يتلق أية إسعافات أو رعاية طبية لعلاجه من تلك الجلطة.
وكان الدكتور سعود الهاشمي قد اعتقل الجمعة 2 فبراير/شباط 2007 مع 8 من أصدقائه العلماء والمحامين والمفكرين من إحدى الاستراحات بمدينة جدة بالسعودية أثناء نقاش علني عن بعض الأمور السياسية والإصلاحية في البلاد، حيث كانوا مجتمعين لكتابة وثيقة إصلاح سياسية لرفعها للملك، واقتيدوا جميعاً إلى مكان مجهول تبين فيما بعد أنه مقر المباحث العامة بجدة، تعرضوا خلاله لشتى أنواع الضرب والتعذيب لإجبارهم على الاعتراف بتهم تمويل ودعم الإرهاب، وفي منتصف العام 2010 تم إلقاء القبض على 7 آخرين، وتم ضمهم للتسعة السابقين فيما سمي بـ “خلية الاستراحة”، ولم يتم عرضهم على النيابة أو توجيه تهم بصورة رسمية لهم إلا بعد ثلاثة سنوات ونصف من الاعتقال التعسفي والحرمان من الحق في توكيل محام للدفاع عنه.
تعرض الدكتور سعود الهاشمي لأشد أنواع التعذيب، داخل مقر المباحث العامة وسجن الحائر بالرياض وسجن ذهبان بجدة، كما تم حرمانه من التواصل مع أهله لأكثر من عامين، تم بعدها السماح لهم بزيارته مرة في الشهر، وكانت تلك الزيارات تشهد العديد من المضايقات الأمنية الشديدة، وقد أخبرهم الدكتور الهاشمي أنه تعرض للتعذيب منذ اليوم الأول لاعتقاله، وأضاف أنه يعاني من سوء أوضاع الاحتجاز حيث أنه محتجز في زنزانة انفرادية مساحتها 1م*2م، ويتم تقييد يديه ورجليه بداخلها طوال الوقت، ولا يسمح له بالذهاب إلى الحمام إلا نادراً، ويكون مقيداً أيضاً، كما أخبرهم أنه أجبر على توقيع تنازل عن الحق في توكيل محام للدفاع عنه، حيث تم تجريده من كافة ثيابه إلا الملابس الداخلية، وتم الاعتداء عليه بالضرب حتى وافق على توقيع التنازل، كما ذكر لهم أن سبعة من المجموعة الأولى من المعتقلين نقلوا بعد سنة إلى زنازين عادية في حين تم الإبقاء عليه وعلى المعتقل الدكتور موسى القرني في الحبس الانفرادي.
ووفقاً لمحاميّ المتهمين، فإنهم قد قاموا بإرسال شكاوى للسلطات السعودية حول المخالفات القانونية التي تتم في حق موكليهم، إلا أنها جميعاً قوبلت بالتجاهل، حيث وصف محامي المتهمين الدكتور باسم عالم والوكيل الشرعي عنهم، في خطابات بعثها للملك عبد الله بن عبد العزيز والأمير محمد بن نايف نائب وزير الداخلية وغيرهم من المسؤولين أن التحقيقات التي تتم مع موكليه بها العديد من المخالفات القانونية، كما أبدى اعتراضِه على إجراءات القبض، وإجراءات التفتيش، وإجراءات التحقيق التي مر بها المتهمون.
وعلى الرغم من ذلك تم الحكم بإدانة المتهمين في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، حيث أصدرت المحكمة الأمنية بالرياض حكمها بالسجن والسجن المؤبد، بعد اتهامهم بمحاولة قلب نظام الحكم، ودعم وتمويل الإرهاب، والتحريض ضد النظام الحاكم، وغسيل الأموال، وانتهاج منهج الخوارج في تكفير الحاكم، وقد وصف محامو المتهمين هذه المحاكمات بالهزلية، وقالوا إنها اتسمت بالتسييس، وافتقرت لأدنى معايير المحاكمة العادلة، حيث مُنع جميع المعتقلين من حقهم في توكيل محام لتمثيلهم أمام القضاء، كما أن الجلسات كانت سرية، بالإضافة إلى منع المحامون والأسر من تصوير أوراق القضية، وأضاف المحامون أن بعض المتهمين كان يتم اقتيادهم إلى جلسات المحاكمة معصوبي العينين ومقيدي اليدين والقدمين.
وقد أضاف محامو المتهمين أنهم محرومون من حقهم في الاستئناف على الحكم حتى اللحظة، وأن السلطات تقوم بالتعنت معهم في البدء في تلك الإجراءات.
في هذا الصدد، تطالب منظمة “معاً من أجل العدالة” صناع القرار في العالم بالتدخل العاجل لإنقاذ حياة الدكتور المعتقل سعود الهاشمي، الذي يشكل استمرار الاحتجاز خطراً داهماً على حياته لما يعانيه من سوء معاملة وإهمال طبي متعمد.
وندعو كافة المدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم بالتدوين عن الدكتور سعود الهاشمي وإيصال معاناته للجهات المعنية في المجتمع الدولي من أجل التدخل للضغط على النظام السعودي لإطلاق سراحه، والإفراج غير المشروط عنه وعن كافة المعتقلين السياسيين في المملكة.
دونوا على وسم: #انقذوا_سعود_مختار_الهاشمي
فيما يلي أسماء المعتقلون في قضية خلية الاستراحة مع الأحكام الصادرة ضدهم:
- سعود مختار الهاشمي: السجن لمدة 30 سنة والمنع من السفر لمدة 30 سنة أخرى بعد إطلاق سراحه، وفرض غرامة قيمتها مليونا ريال.
- عبد العزيز الخريجي: السجن لمدة 22 سنة، والمنع من السفر لمدة 20 سنة أخرى بعد إطلاق سراحه، وفرض غرامة قيمتها مليون ريال.
- موسى القرني: السجن لمدة 20 سنة والمنع من السفر لمدة 20 سنة أخرى بعد إطلاق سراحه.
- سليمان الرشودي: السجن لمدة 15سنة والمنع من السفر لمدة 15سنة أخرى بعد إطلاق سراحه.
- عبد الرحمن خان: السجن لمدة 20 سنة والمنع من السفر لمدة 20 سنة أخرى بعد إطلاق سراحه.
- عصام بصراوي: السجن لمدة 10 سنوات والمنع من السفر لمدة 10 سنوات أخرى بعد إطلاق سراحه.
- سيف الدين الشريف: السجن لمدة 10 سنوات والمنع من السفر لمدة 10 سنوات أخرى بعد إطلاق سراحه.
- فهد القرشي: السجن لمدة 10 سنوات والمنع من السفر لمدة 10 سنوات أخرى بعد إطلاق سراحه.
- عبد الرحمن الشميري: السجن لمدة 10 سنوات والمنع من السفر لمدة 10 سنوات أخرى بعد إطلاق سراحه.