أي محاولة للتطبيع مع النظام السوري خيانة لملايين الضحايا
تابعنا على مدار الأسابيع القليلة الماضية الأنظمة المستبدة في المنطقة وهم يسارعون في إحياء العلاقات مع نظام الديكتاتور السوري بشار الأسد والتطبيع معه دون أي اعتبار لآلام الملايين من الضحايا الذين شردهم هذا السفاح وحرمهم من أحبائهم وأرضهم وفرقهم في البلاد والمعتقلات.
وُجهت دعوة إلى القاتل السوري بشار الأسد من النظام السعودي لحضور قمة جامعة الدول العربية التي عُقدت في المملكة هذا الأسبوع في جدة بعد فترة قصيرة من قرار الموافقة على إلغاء تجميد عضوية سوريا في الجامعة بعد أكثر من عشر سنوات من المقاطعة بسبب جرائم النظام السوري والتي لم تتوقف حتى الآن.
هذه الدعوة تزامنت مع دعوة النظام الإماراتي لبشار الأسد لحضور قمة المناخ Cop28 المقرر عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في دبي، ليكون أول مؤتمر دولي يحضره السفاح منذ بداية الحرب السورية عام 2011، والتي ارتكب فيها بشار ونظامه -بدعم من النظامين الروسي والإيراني- أفظع المجازر بحق شعبه -خاصة الأطفال- مستخدمًا قنابل وصواريخ وأسلحة كيماوية محرمة دوليًا خاصة في المناطق السكنية والمخيمات.
موقف الأنظمة العربية من بشار تغير بالرغم من أن ممارساته القمعية والاستبداية لم تتغير، مبررات الأنظمة القمعية التي وافقت على ذلك تتلخص في الخوف من المد الإيراني، متجاهلين حقيقة أن بشار الأسد لا يختلف أبدًا عن إيران من ناحية القمع والاستبداد والخطر الذي يشكله على الأمة العربية.
لكن من منظور إنساني، فإن قرارهم مخز ووصمة عار في جبين المجتمع العربي بأكمله، ولا يعتبر إلا رقص على جثث الضحايا الذين بلغ عددهم نحو 300 ألف قتيل مدني، فضلًا عن عشرات الآلاف من المعتقلين، ومئات الآلاف من الجرحى والمصابين بعاهات مستديمة، والملايين من المشردين والنازحين: لقد شرد بشار نصف سكان سوريا تقريبًا.
الأزمة في سوريا لم تنته بعد، لا يزال المئات من المدنيين يُقتلون أو يُجرحون ويفقدون منازلهم جراء الهجمات الروسية والإيرانية والسورية، خاصة على مخيمات النزوح في شمال غرب إدلب ودرعا وحماة وشمال حلب، وهي هجمات ترقى إلى مستوى جرائم الحرب بحسب توصيف الأمم المتحدة.
لا تزال سوريا بلد غير آمنة، ينتشر فيها الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري، ورُغم توثيق ذلك دوليًا، يرى الأنظمة العربية المستبدة وعلى رأسهم النظام السعودي والإماراتي والمصري والتونسي أن هذه الأسباب غير كافية لقطع العلاقات مع بشار، بل يجب إعادة التعاون معه، بغض النظر عن حرية وأمن شعبه.
سعي هذه الأنظمة المستبدة للتعاون مع بشار الأسد أمر غير مفاجئ كونهم لا يختلفون عنه في قمع شعوبهم والتنكيل بكل صنوف المعارضة الداخلية والخارجية، لكنه سيظل أمر صادم ومخز يتطلب موقف دولي حاسم لردع هذه الأنظمة وعدم توفير أي حصانة لها تمكنها من ممارسة مزيد من الانتهاكات والجرائم ضد شعوبها.