تقارير

إدارة بايدن تمنح بن سلمان الحصانة السيادية… وداعًا حق خاشقجي!

أعلنت الإدارة الأمريكية في وقت متأخر من يوم الخميس 17 نوفمبر/تشرين الثاني أن ولي العهد محمد بن سلمان يستحق منح الحصانة السيادية من المساءلة في أي دعوى قضائية مدنية في الولايات المتحدة كونه رئيس حكومة المملكة العربية السعودية، وبالتالي من المرجح ألا تستمر إجراءات مقاضاته في قضية اغتيال خاشقجي.

قبل فترة رفعت التركية خديجة جنكيز -خطيبة الراحل خاشقجي- بالتعاون مع منظمة DAWN ضد محمد بن سلمان وآخرين متهمين إياهم بتحمل مسؤولية جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قُتل غدرًا داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، بخاصة أن الاستخبارات الأمريكية أصدرت تقريرًا عن الواقعة خلص إلى أن محمد بن سلمان أمر شخصيًا بتنفيذ الجريمة.

حسب مصادر مطلعة فإن الإدارة الأمريكية خلصت إلى هذا قرار الحصانة لأنها لم تجد بد بعد أن أصبح ولي العهد رئيسًا للوزراء، إذ أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمرًا ملكيًا -استثنائيًا- في سبتمبر/أيلول الماضي بتعيين نجله ووريث العرش الأمير محمد بن سلمان في منصب رئيس الوزراء، ليتنازل الملك بذلك عن هذا المنصب الذي ينص القانون السعودي أنه من حق الملك بجانب صلاحياته كحاكم للبلاد.

بعد رفع القضية، طلبت المحكمة الجزئية في واشنطن من الإدارة الأمريكية تحديد موقفها من بن سلمان، أو بمعنى أوضح إبداء رأيها -في بداية أغسطس/آب- حول إذا كان بن سلمان يتمتع بالحصانة السيادية أم تُستأنف المحاكمة، لكن الإدارة طلبت التأجيل حتى أكتوبر/تشرين الأول الحالي، ليُصدر قرار تعيينه رئيسًا للوزراء قبل موعد الجلسة بأيام.

كان من الممكن أن تبد إدارة بايدن رأيها قبل أشهر، أي قبل تعيين ولي العهد رئيسًا للوزراء، إن كانت حقًا تريد تحقيق العدالة لخاشقجي ومساءلة قاتليه الذين تعهد بايدن مرارًا إبان حملته الانتخابية أن هذه الجريمة لن تمر وأن المتورطين فيها بما فيهم ولي العهد السعودي سيصحبون “منبوذين”.

الجدير بالذكر أن منظمة معًا من أجل العدالة حذرت من أن تأجيل الإدارة الأمريكية الإعلان عن رأيها في مسألة الحصانة السيادية لا يبشر بالخير، ويحمل في طياته نية غدر لضحايا انتهاكات ولي العهد السعودي الذي بالطبع سيتشجع على ارتكاب المزيد طالما لم يتوقف دعمه من قبل الحظيرة الدولية التي أعادت الترحيب به وسطها من جديد.

لم تتعرض الحكومة السعودية، وأي من أفرادها، إلى عقوبة قانونية حقيقية من قبل المجتمع الدولي بسبب اغتيال خاشقجي، وغيرها من الجرائم المروعة الأخرى، باستثناء بعض الانتقادات والإدانات التي لا تعود كونها حبر على ورق، لم تغير من موقف الحكومات والأنظمة المختلفة تجاه النظام السعودي، حيث لا يزالون متمسكون بالتعاون معه وتقديم الدعم المطلوب له: عسكرياً ودبلوماسياً.

كانت الولايات المتحدة هي المكان الوحيد الذي قد يواجه فيه ولي العهد أي عواقب قانونية على اغتيال خاشقجي، وذلك بعد أن رفعت خطيبته التركية خديجة جنكيز دعوى مدنية أمام المحاكم الأمريكية، وعليه دعا القاضي جون بيتس -الذي ينظر القضية- الحكومة الأمريكية إلى التفكير في الأسئلة القانونية حول ما إذا كان ينبغي المضي قدما في المحاكمة، وما إذا كان للولايات المتحدة مصلحة في القضية.

لكن بعد قرار البيت الأبيض بمنح محمد بن سلمان الحصانة السيادية، فإنه من المرجح أن يرفض القاضي جون بيتس مواصلة القضية وبالتالي سيضيع حق خاشقجي ولن تتحقق العدالة له.

منح ولي العهد السعودي حصانة قانونية من المساءلة يُعد بمثابة منحه ترخيصًا باستمرار ممارسة نهجه القمعي في حكم البلاد، وضوء أخضر لارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات ضد النشطاء والمعارضين وخصومه السياسيين.

اقرأ أيضًا: جامعات أمريكية تتلق الملايين من السعودية رُغم مقتل خاشقجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى