تقارير

السعودية- بعد ثمان سنوات من تأخر دفع الرواتب… مخاوف لدى العمال المهاجرين من عدم السداد نهائيًا

مع الحديث الدائم في وسائل الإعلام الحكومية، أو المقربة من النظام السعودي، عن طفرة الإصلاح والتقدم، والصفقات المليارية في مجالات شتى، معظمها ترفيهي، بحجة التنمية وتطوير البلاد والنهوض بالمجتمع، لا تزال انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية في تزايد واضح دون أي إشارة على أنها قد تُعالج في المستقبل القريب.

أحد أبرز هذه الانتهاكات ما يتعرض له العمال المهاجرون، سواء من نظام العمل المهين للإنسانية، أو المعاملة السيئة من أرباب العمل، مع الحصانة المقدمة لهم من بعض المسؤولين الكبار في الدولة، وأخيرًا تهرب أصحاب الشركات من دفع رواتب هؤلاء العمال، لفترة قاربت العقد من الزمان، دون أي تدخل جاد من الحكومة السعودية لوضع حد لهذه المهزلة.

في أعقاب الركود الاقتصادي الذي عانت منه السعودية عام ،2016 تخلفت الكثير من الشركات عن سداد أجور عدد ضخم من العمال الوافدين، بعضهم اضطر للاستدانة من عائلته التي يعولها في بلادها الأم كي يتمكن من مغادرة السعودية، والبعض الآخر انقطعت به السبل ولم يجد أمامه سوى الإقامة غير الشرعية في ظروف مأساوية لعدم توفر أي مصدر دخل لترك السعودية أو حتى العمل لدى جهات أخرى.

أبرز هذه الشركات كانت “مجموعة محمد المعجل”، و”شركة سعودي أوجيه المحدودة”، والتي قدرت محكمة التنفيذ في الرياض في 2019 أنها مدينة بأكثر من 2.6 مليار ريال سعودي (693 دولار أمريكي) كأجور غير مدفوعة وغيرها من المستحقات للعمال الذين يقدر عددهم وفق مصادر إعلامية ودبلوماسية، بنحو 21 ألف عامل على الأقل من باكستان، وبنغلادش، والفليبين، ونيبال.

انتشرت أخبار مؤخرًا عن نية هذه الشركات دفع أجور العمال أخيرًا، وفيما تمكن البعض من تسوية مستحقاته المالية بالفعل وصرف الشيكات الممنوحة له، لا يزال الجزء الأكبر من العمال غير قادر على صرف مستحقاته، إما لخلل في الإجراءات أو لعدم التمكن من تسجيل الأسماء لدى الجهات المعنية.

الجدير بالذكر أن السلطات السعودية اتهمت على مدار السنوات الأخيرة بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد حقوق العمال والمهاجرين، وقد نشرت عدد من المنظمات الحقوقية تقارير عديدة سلطت الضوء على الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون على يد السلطات السعودية، ازدادت وتيرة مع بداية انتشار وباء كورونا.

تضمنت هذه التقارير شهادات مباشرة من عمال تعرضوا للضرب والابتزاز، واحتجزوا داخل في غرف مزدحمة وملوثة حيث يُحتجز آلاف الأشخاص من العمال المهاجرين، تم ترحيل بعضهم تعسفياً بالفعل من جميع أنحاء المملكة.
كما قالت المصادر إن الشرطة السعودية أجبرت الأشخاص المقرر ترحيلهم بالتوقيع على اتفاقيات عدم إفشاء تمنعهم من التحدث إلى الصحفيين حول تجاربهم.

إن ما يتم بحق العمال المهاجرين هو انتهاك صارخ للقانون الدولي وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث تنص تلك القوانين والمعاهدات على حق كل فرد في التمتع بحياة كريمة وآمنة، وما يتعرض له المهاجرون في السعودية، خاصة الذين تم احتجازهم، فقط لكونهم من العمال المهاجرين، يشكل تهديداً مباشراً على حياتهم رغم أن الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى السلطات أن تحمى هذا الحق.

على السلطات السعودية إنهاء معاناة العمال المهاجرين، وضمان حصولهم على رواتبهم المتأخرة، كما يجب على سلطات بلادهم والجهات ذات الصلة في الأمم المتحدة بالتدخل العاجل وضمان حصول هؤلاء المهاجرين على حقوقهم المكفولة بالقانون، وكذلك ضمان توفير أماكن ملائمة للعيش والإقامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى