السعودية: هل عادت تجارة الرقيق من جديد؟
لم يتم حل أزمة العمال الأفارقة المهاجرين في السعودية بعد، ومع ذلك ظهرت مشاكل أخرى لا تقل بشاعة حول المعاناة المستمرة للعاملات المنزليات الفلبينيات بسبب أرباب العمل ووكالات التوظيف رغم ادعاءات النظام السعودي بتحسين قانون العمل وأوضاع العمال والمهاجرين.
عملياً، عدد كبير من العاملات المنزليات الفلبينيات مسجونات، إذ يتم ايواؤهن الآن في ملجأ للعمال المهاجرين والمنكوبين بعد تعرضهن للعنف والتحرش من قبل أرباب العمل، إلا أنهن محرومات من الطعام والتحرك أو ممارسة أي من الحقوق الأساسية للعيش حياة آدمية كريمة.
في شهادات لبعض العاملات لمنظمة العمل الدولية، قالت بعض العاملات إن المعاملة المهينة اللاإنسانية اللاتي يتعرضن إليها من قبل وكالات التوظيف في ملاجئ الإيواء المؤقتة تهدف إلى إجبارهن على العودة إلى العمل على الرغم من الممارسات التعسفية والاستغلالية من أصحاب المنازل اللاتي يعملن لديها.
حوالي 9000 لاجئ يقبع الآن في ملاجئ مختلفة للمهاجرين وهم من بين 24000 فلبيني يعانون من أوضاع سيئة في السعودية، لكن جميعهم لم يحالفهم الحظ في الاستفادة من برنامج الإعادة الحكومي.
قبل أكثر من 10 سنوات، قامت منظمة العمل الدولية باعتماد اتفاقية العمال المنزليين، والتي ظن العمال أن حياتهم ستتغير للأفضل وأن أوضاع العمل ستتحسن بموجب تطبيق هذه الاتفاقية التي تعهدت بضمان “عمل لائق” للعمال، لكن على ما يبدو أنه محض كلمات على ورق لا تمت للواقع بصلة.
إحدى الشهادات هي لامرأة طلبت إخفاء اسمها كي لا تتعرض للأذى من قبل رب العمل، تحدثت فيها عن الأهوال التي كانت تراها أثناء فترة عملها، أبسطها التعرض الدائم للتحرش الجنسي من قبل صاحب المنزل الذي حاول الاعتداء عليها بالقوة قبل أن تلوذ بالفرار إلى غرفة “الأطفال”، لكن وبعد تكرر الأمر، تركت المنزل بلا رجعة.
عاملة أخرى تحدثت عن الظروف اللاآدمية أثناء إقامتها في منزل أحد السعوديين، الذين يستقوون بالنظام الحالي الذي لا يحترم أي عمالة، حيث تحدثت عن قلة فرصها في الحصول على الطعام بسبب العمل المتراكم الذي لا ينتهي أبداً، فضلاً عن تأخر الرواتب، وهي مشكلة تعاني منها أغلب العاملات، فضلاً عن الحرمان من النوم والإهانات اللفظية.
امرأة ثالثة عبرت عن مخاوفها من أن يتم الإتجار بها من صاحب عملها السابق حيث تم بيعها إلى وكالة توظيف أخرى، وهي الآن من بين عاملات المنازل الفلبينيات العالقات، وقالت إنها أُجبرت على التوقيع على وثائق تزعم أنها رفضت العمل.
وبحسب منظمة العمل الدولية تعليقاً على هذه الحالات فإن “العنف والتحرش يحدثان لملايين عاملات المنازل في جميع أنحاء العالم” مشيرة إلى أنه “غالبًا ما يُنظر إلى هذا على أنه طبيعي وجزء من الحياة”.
وأوضحت منظمة العمل الدولية أن هؤلاء العاملات عرضة للعنف لأن “العمل يتم خلف أبواب مغلقة، في عزلة وفي بيئات عمل مع اختلالات عميقة في ميزان القوى”.
تأتي هذه الشكاوى في وقت يدعي فيه النظام السعودي إدخال إصلاحات على نظام الكفيل منذ مارس/آذار الماضي، غير أن النظام الجديد يشوبه العديد من الثغرات القانونية والإنسانية، إذ لا يزال النظام الجديد يسمح باستغلال العمالة الوافدة والسيطرة على الفئات الأكثر ضعفا.
بالإضافة إلى ذلك لا يزال هناك فئات من العمالة الوافدة يخضعون لنظام الكفالة الاستغلالي، ويتعين عليهم الحصول على إذن أرباب عملهم قبل الشروع في أي شيء وكل شيء.
إننا نطالب بإدخال تعديلات فورية وعاجلة لإنقاذ العمال المساكين الذين لا حول لهم ولا قوة أمام القوانين التعسفية والاستغلالية التي لا تمت للإصلاح بصلة، خاصة وأن 60٪ من المهاجرين في السعودية مستثنون من الإصلاحات (السائقون الخاصون، والحراس، وخادمات المنازل، والرعاة، وعمال الحدائق)
ويمكن للأشخاص المشمولين بالإصلاحات نقل الكفالة إلى صاحب عمل آخر عندما ينتهي عقدهم دون موافقة الكفيل الأول
شريطة أن يقدموا إشعارًا وأن يستوفوا “تدابير محددة” أخرى غير معروفة.
ورغم ذلك هناك خمسة أنواع من العمال (يشكلون حوالي 60% من المهاجرين في السعودية) مستثنون من الإصلاحات.
وهؤلاء هم السائقون الخاصون، والحراس، وخادمات المنازل، والرعاة، وعمال الحدائق.
ونحذر من أن استمرار التعامل مع العمال والمهاجرين بهذه الطريقة الفجة فإن هذا نذير بعودة عهود الرق والاستعباد، فضلاً عن استمرار تشويه سمعة المملكة التي تعاني بالفعل بسبب الانتهاكات المتزايدة لحقوق الإنسان من قبل النظام الحاكم.