تقارير

السلطات السعودية مستمرة في تجاهل عائلة الدكتور محمد القحطاني بعد 10 أشهر من اختفائه

قرابة عشرة أشهر مروا على اختفاء الدكتور محمد فهد القحطاني من داخل مقر احتجازه بسجن إصلاحية الحاير بعد انقطاع أخباره بصورة كاملة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ورغم استغاثات عائلته المتكررة والضغوطات الحقوقية المستمرة ترفض السلطات السعودية إجلاء مصيره أو الإدلاء بأي معلومات عنه.

طوال تلك الفترة حاولت السيدة مها القحطاني زوجة الدكتور محمد القحطاني الاتصال بالجهات المعنية للاستفسار عن وضع زوجها القانوني والصحي، خاصة وأنه كان يعاني من مشكلات صحية قبل اختفائه مباشرة وبحاجة إلى ظروف معيشية خاصة، لكن جواب السلطات السعودية كان التجاهل التام.

ما زاد من مخاوف العائلة ما حدث في 23 يوليو/تموز، حين اتصلوا بإدارة السجن للسؤال مجددًا عن الدكتور القحطاني، وبتحويلهم إلى قسم الاستفسارات، جاء الرد بأن “اسمه ورقم هويته غير مسجلين في النظام من الأساس”!.

اللافت للنظر أن هذا الرد جاء بعد أشهر من الاستغاثات والاتصالات المتكررة، آخرها كان في يونيو/حزيران 2023، حين طلب منهم مدير السجن عدم الاتصال بهم مرة أخرى، مضيفًا أنه إذا “سيعاود الاتصال بهم قريبًا”.

اختفى الدكتور محمد القحطاني بتاريخ 24 أكتوبر/تشرين الثاني 2022، إذ كان من المقرر أن يتصل بعائلته في الموعد المخصص، لكنه لم يتصل، ومع تواصل زوجته مع إدارة “إصلاحية الحاير” حيث يُحتجز زوجها “ماطلت الإدارة في الرد ورفضت الإفصاح عن أي معلومة تخصه.”

وحسب ما قالته السيدة مها، فإن اختفاء الدكتور محمد جاء بعد أن طلب منها فضح الانتهاكات التي تحدث له داخل مقر احتجازه، إذ أكدت أنه طلب منها -في مكالمة هاتفية- تقديم شكوى رسمية للجهات المختصة ونقل ما يحدث من انتهاكات ومضايقات معه داخل السجن، لكن المسؤول عن السنترال في مقر الاحتجاز قطع المكالمة بصورة تعسفية وبدأت بعدها رحلة من التنكيل المضاعف مع زوجها حتى انقطعت أخباره.

منذ بداية حبسه تعرض القحطاني لجملة من الانتهاكات القانونية والحقوقية التي تتنافى مع أي مواثيق أو معاهدات دولية أو محلية، هذه الانتهاكات دفعته للدخول في إضراب كلي عن الطعام أكثر من مرة احتجاجًا على الأوضاع التي لم تتحسن أبدًا، وبدلًا من الاستجابة لمطالبه كان النظام السعودي يفرط في التنكيل به وبزملائه السجناء الذين يقررون الاحتجاج على الأوضاع بأي وسيلة سلمية مناسبة.

اعتقل القحطاني – الأستاذ السابق في معهد الرياض للدراسات الدبلوماسية- عام 2012 رفقة عدد كبير من مؤسسي منظمة “حسم” وهو اختصار لـ “الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية”، والتي كانت تدعو إلى تنفيذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة في المملكة العربية السعودية، فضلاً عن نظام ملكي دستوري مع برلمان منتخب، إلى جانب إنشاء منظمات قانونية شفافة وخاضعة للمساءلة.

السلطات السعودية اعتبرت هذه الدعوات انتهاكًا للقانون وقررت معاقبة مؤسسي الجمعية وحكم عليهم بالسجن بعد عام تقريبًا من محاكمة جائرة وجلسات سرية، وكانت عقوبة القحطاني السجن لمدة عشر سنوات بالإضافة إلى حظر السفر لمدة مماثلة.

يُشار إلى أن الدكتور القحطاني أعلن عن إضرابه عن الطعام أكثر من مرة اعتراضًا على أوضاع الاحتجاز السيئة التي يعاني منها داخل محبسه والتي ساهمت في تدهور حالته الصحية نظرًا لتعنت إدارة السجن في انتهاج سياسة الإهمال الطبي في التعامل مع معتقلي الرأي.

منظمة معًا من أجل العدالة تعلن تضامنها الكامل مع أسرة القحطاني، وتطالب السلطات في المملكة العربية السعودية بالشفافية والتواصل مع أهله من أجل الاطمئنان على سلامته، وتوفير الرعاية الصحية المناسبة له ولكافة معتقلي الرأي وحقوق الإنسان داخل السعودية، والإفراج الفوري عنه إذ لا يوجد مسوغ قانوني لاستمرار اعتقاله الذي لم يكن قانونيًا منذ البداية.

الجدير بالذكر أن محكومية الدكتور محمد القحطاني، الإصلاحي السعودي ومعتقل الرأي البارز، انتهت منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لكن بدلًا من أن يفارق زنزانته إلى الشارع، فارقها إلى ظلمات سجن آخر لا يعلم مكانه أحد، في انتهاك آخر إلى جملة الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب بحقه منذ اليوم الأول لاعتقاله قبل أكثر من 10 سنوات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى