العنف ضد المرأة في السعودية
لا زالت السلطات السعودية تمارس انتهاكات جسيمة ضد المرأة وتحرمها من أبسط حقوقها كجزء من سياستها القمعية التي طالت الرجال والنساء في المملكة على حد سواء، وخاصة من علت أصواتهم ضد انتهاكات نظام آل سعود.
وقد كشفت العديد من الشهادات والتقارير الحقوقية تعمد تصعيد السلطات قمعها بحق ناشطات حقوق المرأة ومعتقلات الرأي.
وبالرغم من أنه لا وجود لإحصائيات رسمية حول ضحايا ظاهرة العنف والتمييز ضد المرأة في السعودية، بسبب تكتم السلطات على هذه الظواهر، إلا أن الواقع يظهر بما لا يدعو مجالاً للشك أن الوعود التي أطلقتها المملكة لحماية المرأة وتمكينها في الحياة العامة ذهبت أدراج الرياح، وهو ما يعكس الطبع القمعي للنظام السعودي الذي لا زال يعامل المرأة على أنها مواطن من درجة ثانية أو “مواطن دون رتبة” على حد تعبير بعض نشطاء حقوق الإنسان.
الواقع يؤكد أن الحكومة السعودية مصرة على هضم حقوق النساء في كافة طوائف المجتمع، لا سيما معتقلات الرأي ونزيلات دور الرعاية، إذ يتم التنكيل بهن تحت حماية النظام وبأوامر مباشرة من المسؤولين في الدولة، وعلى رأسهم محمد بن سلمان ومستشاريه، على الرغم من القوانين التي قالت الحكومة أنها ستعمل عليها.
وفي شهادات مروعة من السجن أكدت بعض المعتقلات أن المحققين يمارسون ضدهن كل أشكال الترويع والتعذيب.
وتحدثت إحدى المعتقلات التي رفضت الكشف عن هويتها عن أساليب التحرش الجنسي التي تعرضت إليها وهي قيد الاعتقال حيث وجه إليها المحققون عبارات نابية وقاموا بلمسها في أماكن حساسة من جسدها، ناهيك عن الجلد والضرب المبرح.
كما تواصل السلطات في السعودية تكتمها على جرائم العنف الأسري التي ارتفعت وتيرتها خلال الحجر الصحي الذي فرضته الحكومة للحد من انتشار جائحة كورونا.
وعلى الرغم من أن مجلس الوزراء السعودي قد قام في 26 أغسطس/آب 2013 بتمرير مشروع قانون يجرم العنف الأسري، إلا أن القانون لم يعرض بعد تفصيلاً لآليات إنفاذ محددة لضمان التحقيقات السريعة في مزاعم الإساءات أو لمقاضاة من يرتكبون هذه الإساءات للمعاقبة على العنف الأسري.
اللافت للنظر، أن السلطات السعودية لم تلتزم بأي من الإجراءات التي قامت باتخاذها للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة، حيث قامت بالإعلان عن خط ساخن تابع لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية لتلقي الشكاوى حول هذا الخصوص، وفي المقابل تتجنب استقبال تلك الشكاوى أو الرد على الضحايا.
وقالت بعض النساء أنهن حاولن الاتصال عبر الخط الساخن لتقديم شكواهن إلى أنهن فوجئن أن الخط الساخن لا يعمل بشكل فاعل إلا في الحالات التي تصبح قضية رأي عام وبعد ضغوط من وسائل التواصل الاجتماعي. وحتى في مثل هذه الحالات يكون القمع والترهيب هو الرد المنتظر.
إن المرأة في السعودية محرومة ليس فقط من حقها في التعبير عن مواقفها السياسية والشأن العام وإنما أيضاً فيما يتعلق بحرياتها الشخصية وحياتها العائلية لتصبح بذلك مواطنا مسلوب الإرادة.
وتعد جميع أشكال العنف والتمييز والاضطهاد ضد المرأة خرقاً واضحا للقوانين الدولية، حيث تعاني المرأة في السعودية من كل أشكال العنف التي وردة ضمن تعريف الجمعية العامة للأمم المتحدة التي عرفت “العنف ضد النساء” على أنه “أي اعتداء ضد المرأة مبني على أساس الجنس، والذي يتسبب بإحداث إيذاء أو ألم جسدي، جنسي أو نفسي للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة.”
كما نوه الإعلان العالمي لمناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة الصادر عام 1993 بأن “هذا العنف قد يرتكبه مهاجمون من كلا الجنسين أو أعضاء في الأسرة أو العائلة أو حتى الدولة ذاتها.”
وفي محاولة هزيلة منها للتصدي لظاهرة العنف ضد المرأة، أعلنت النيابة السعودية الأسبوع الفارط جملة من العقوبات التي ستطبق على المعتدين على النساء، كالسجن لمدة لا تقل عن شهر وتصل إلى سنة، كما تشمل العقوبات أيضا غرامة لا تقل عن 5 آلاف ريال سعودي قد تصل إلى 50 ألف ريال سعودي، إلا أنه وبالنظر للطريقة تعامل السلطات السعودية مع ملف المرأة وتهربها من تنفيذ إجراءات ردع المعتدين وحماية النساء، لا يمكن الثقة في تطبيق تلك العقوبات.
ويعد تراخي الحكومة السعودية في تطبيق القوانين الخاصة بحظر جميع أشكال العنف ضد النساء حلقة أخرى من مسلسل الانتهاكات الصارخة التي تضاف إلى صندوق المملكة الأسود في الاعتداء على النساء.
3 تعليقات