بايدن في الشرق الأوسط: الإفراج عن ستة نشطاء مصريين… هل هذا كل شيء؟
بعد جولة استمرت 4 أيام في منطقة الشرق الأوسط، شملت الأراضي المحتلة والسعودية، غادر الرئيس الأمريكي جو بايدن المملكة العربية السعودية، السبت، دون إحراز أي تقدم يُذكر في ملف حقوق الإنسان، الذي لوحظ أنه لم يشيره أو يذكره في أي من لقاءاته وتصريحاته خلال هذه الجولة التي أثارت سخط النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم.
يقول بايدن إنه سافر للسعودية من استغلال فرصة انعقاد قمة جدة للأمن والتنمية، ولقاء زعماء الإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان ومصر والأردن والعراق، بالإضافة إلى السعودية، لمناقشة عدد من الملفات الحيوية المتعلقة بأمن المنطقة والأمن القومي الأمريكي معاً، لكن معارضون أكدوا أن الزيارة كانت لاستجداء عطف السعودية المتمثلة في محمد بن سلمان لأجل زيادة إنتاج النفط، وحفظ ماء وجه بايدن أمام شعبه، متهمين إياه بالتراجع عن موقفه من الدفاع عن حقوق الإنسان.
انتهت الزيارة، وغادر بايدن، ربما لم يتم التحدث علانية عن النفط بالصورة المتوقعة، لكن أيضاً لم يتم إثارة أي قضية تتعلق بملف حقوق الإنسان والمعتقلين السياسيين في دول الشرق الأوسط، الذين أكد بايدن أثناء حملته الانتخابية أنه لن يتخل عنهم، وسيضع حقوق الإنسان على أولوية جدول سياسته الخارجية.
يوم السبت، الذي غادر فيه بايدن إلى الولايات المتحدة، أعلنت السلطات المصرية عن إخلاء سبيل 6 من النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، الذين سجنوا على خلفية اتهامهم بالانضمام لجماعة إرهابية، وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر أخبار كاذبة، يؤكد المراقبون والجماعات الحقوقية المختلفة أنها اتهامات باطلة وملفقة.
المصريون المفرج عنهم هم: نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام السابق الصحفي عبد الناصر سلامة، المحامي الحقوقي عمرو إمام، مهاب يسري الإبراشي، بسام جلال السيد، يحيى زكريا عثمان نجم، ممتاز فتحي عبد الوهاب قاسم.
بالطبع نرحب بهذا القرار، لكن نتساءل هل هذا كل شيء؟! هل الإفراج عن ستة معتقلين سياسيين من مصر هو ثمن زيارة بايدن للشرق الأوسط وفتح صفحة جديدة مع القادة والزعماء العرب، هل هذا هو الانتصار لحقوق الإنسان، والالتزام بالقيم والمبادئ الديموقراطية الذي تعهد به بايدن!
عائلات معتقلين سياسيين في السعودية ومصر طلبت من بايدن التدخل لإنقاذ ذويهم من بطش الحكام العرب، وإنقاذهم من السياسات القمعية التي تنتهجها الأنظمة ضدهم، بصفتهم مواطنين أمريكيين أو ذوي مواطنين أمريكيين، لكن الإدارة الأمريكية صمت آذانها عن أي نداء استغاثة من هذه العائلات، بدأ الأمر حين تعمدت وزارة الخارجية الاتصال بعائلات المضطهدين الأمريكيين في الشرق الأوسط، مثل عائلات الهذلول والسدحان في السعودية، ومحمد سلطان في مصر، والآن، عاد بايدن إلى الولايات المتحدة خالي الوفاض، أو ربما عاد منتصراً، ربما هو لم يذهب إلى هناك لتحقيق أي انتصار لحقوق الإنسان من الأساس!
تعهد بايدن بجعل السعودية “منبوذة” عقاباً على اغتيال جمال خاشقجي، لكن في الواقع، نرى أن بايدن جعل حقوق الإنسان “منبوذة” مقابل إنقاذ علاقته مع دول الشرق الأوسط، لكن أثبت أن “المصالح الأمريكية” انتصرت على “القيم الأمريكية”، وأن جدول أولويات سياسته الخارجية يخلو من أي قيمة أو مبدأ ينتصروا لضحايا الانتهاكات واستبداد الملوك والرؤساء.
رغم هذا الخذلان الدولي لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، نكرر دعواتنا للحكومات والأنظمة الدولية باتخاذ مواقف أكثر جدية من الأنظمة العربية المستبدة والتدخل لوضع حد لانتهاكاتها المتزايدة، والتي يشجعها استمرار التعاون معهم.