
تدين منظمة معًا من أجل العدالة بأشد العبارات استمرار احتجاز الأكاديمي السعودي البارز الشيخ الدكتور محمد بن علي الحازمي، المحكوم عليه بالسجن 23 عامًا تليها 23 عامًا من المنع من السفر، في واحدة من أكثر القضايا التي تكشف الوجه الحقيقي للقمع المنهجي الذي يمارسه النظام السعودي ضد كل من يجرؤ على التعبير عن رأيه أو الدفاع عن قيم الحرية والعدالة.
في يوليو/تموز 2021، شنت قوات أمنية مكونة من 24 عنصرًا هجومًا عنيفًا على منزل الدكتور الحازمي في مدينة أبها، قامت بتفتيش المنزل بطريقة مهينة، وعبثت بمحتوياته، وروّعت أسرته قبل اقتياده إلى مكان مجهول، حيث تعرض للإخفاء القسري لأشهر طويلة دون أن يُسمح له بالتواصل مع محامٍ أو معرفة أسباب اعتقاله.
الدكتور الحازمي، أستاذ اللغة العربية وآدابها في جامعة الملك خالد، وصاحب السجل العلمي والاجتماعي المشرف، لم يكن يحمل سلاحًا ولا خطط لقلب نظام الحكم. كانت “جريمته” الوحيدة حضوره ندوة فكرية مرخصة عام 2013 بعنوان “الحرية بين الشعار والحقيقة”، وبعض التغريدات التي عبّر فيها عن رأيه وطالب فيها بالإفراج عن معتقلي الرأي.
ورغم كل محاولاته لدحض الاتهامات الملفقة أمام المحكمة — من تأكيده أنه لا يمتلك الحساب الذي نسبوا له التغريدات، إلى شرحه أن الخطبة التي استُدعِي بسببها كانت قبل صدور قانون مكافحة الإرهاب وأُغلق ملفها رسميًا منذ سنوات — تجاهلت المحكمة كل هذه الدفوع وأصدرت بحقه حكمًا تعسفيًا بالسجن 23 عامًا، بناءً على تهم فضفاضة وغير مدعومة بأي دليل قانوني حقيقي.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل تم إدراج الحازمي تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب، في حين أن نشاطه لم يخرج عن حدود التعبير السلمي عن الرأي والدعوة للإصلاح الاجتماعي والحقوقي.
إن استمرار اعتقال الدكتور محمد بن علي الحازمي يمثل انتهاكًا صارخًا لحرية الرأي والتعبير التي تضمنها المواثيق الدولية، وتعديًا فجًا على أبسط معايير العدالة والإجراءات القانونية، كما يعد دليلًا إضافيًا على أن القضاء في السعودية مسيّس بالكامل ويُستخدم كأداة للانتقام السياسي بحق كل من يجرؤ على إبداء رأي مخالف أو المطالبة بالإصلاح.
في ضوء ذلك، تدعو منظمة معًا من أجل العدالة إلى تحرك دولي جاد وحقيقي للضغط على النظام السعودي من أجل الإفراج الفوري وغير المشروط عن الدكتور الحازمي وجميع معتقلي الرأي، ووقف كافة أشكال التطبيع السياسي والدبلوماسي مع السلطات السعودية التي تواصل قمع الحريات وخنق الأصوات الحرة، بالإضافة إلى فتح تحقيقات دولية شفافة في الانتهاكات الممنهجة داخل السجون السعودية، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات. إن استمرار الصمت الدولي تجاه معاناة الأكاديميين والمفكرين داخل السجون السعودية لا يمثل فقط خيانة لمبادئ حقوق الإنسان، بل يمنح النظام السعودي الضوء الأخضر لمواصلة سياساته القمعية دون رادع. إن الدكتور محمد بن علي الحازمي ليس مجرمًا بل هو سجين كلمة وضمير، والمجتمع الدولي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بكسر هذا الصمت قبل أن يُدفن المزيد من الأحرار خلف الجدران.