بعد جنسية محمد هنيدي وعمرو أديب: أين حقوق الـ “بدون” في السعودية؟
قبل أيام أعلنت السلطات السعودية بكل فخر منح الفنان المصري محمد هنيدي الجنسية السعودية، تقديرًا لفنه ومساهماته الثقافية في هذا المجال، وقبل أشهر مُنح الإعلامي المصري عمرو أديب الجنسية السعودية كذلك، ليصبح كلاهما مواطنان سعوديان يتمتعان بكل حقوق المواطن السعودي و”المحبوب” من قبل النظام، كما مُنحت الفنانة المصرية أنغام الإقامة الذهبية في المملكة.
تقدير الفنانين والمثقفين أمر مرحب به لا شك، وبغض النظر عما إذا قدم هؤلاء مساهمات حقيقية لإنماء الوطن، فإن الاحتفاء بالفن والثقافة أمر عظيم ومقبول، أما غير المقبول، والمرفوض تمامًا هو ازدواجية المعايير، والكيل بمكيالين، وحرمان أبناء الوطن من حقوقهم دون مبرر أو مسوغ قانوني.
جنسية محمد هنيدي وعمرو أديب، وإقامة أنغام، رفعت قضية الـ بدون وعديمي الجنسية المتواجدين على الأراضي السعودية منذ عقود إلى الواجهة من جديد، هي قضية لم تخمد أبدًا، لكن التطورات الأخيرة جعلتها مثار حديث مرة أخرى.
هؤلاء الـ بدون، أو كما يُسمون “عديمو الجنسية” من القبائل النازحة منذ عقود طويلة، والذين وُلد أغلبهم على الأراضي السعودية، ولا يتحدثون إلا بالعربية، ولا يعرفون موطنًا سوى المملكة، ولا ثقافة سوى الثقافة السعودية، محرومون من أي حقوق، ليس فقط حقوق المواطن، بل حقوق اللاجئ كذلك.
المملكة العربية السعودية حتى الآن ترفض الاعتراف بـ “اللاجئين”، ولم توقع على اتفاقية اللاجئين في الخمسينات، ولا تقبل بوجود أي لاجئ على أرضها، حتى الذين تستقبلهم لظروف طارئة في بلادهم، لا تمنحهم أي حقوق رسمية، ولا أوراق هوية، ولا حقوق المواطنة، ولا تسمح لهم بالاندماج في المجتمع، وتحرمهم من التمتع بأي أوراق ثبوتية، كما يُمارس ضدهم عنصرية وتفرقة فيما يتعلق بالتعليم والعلاج والوظائف الحقوقية.
ينقسم البدون في السعودية إلى ثلاث فئات: أبناء القبائل النازحة الذين تعود أصولهم إلى بدو رحل كانوا يتنقلون بين دول الحدود في شمال وجنوب السعودية، الجاليات الإسلامية من آسيا التي استوطنت مكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف وجدة بسبب وجود مشكلات في بلدانهم كـ “البلوش، البخارية، التركستان، أهل بورما، أهل إندونيسيا”، وبعض الجاليات العربية والإفريقية الذين عاشوا في المملكة منذ عقود طويلة بعد قدومهم لأداء العمرة والحج.
اللافت للنظر أيضًا، أن بعض البدون ممن سمحت الدولة بتجنيسهم، يُعتبرون مواطنون من الدرجة الثانية، إذ تنص المادة 9 من القانون السعودي على “عدم حصول أبنائهم على وظائف عسكرية أو رسمية، ولا يحق لهم الالتحاق بالتعليم، كما لا حق لهم في العلاج، وحتى البنوك لا تتعاون معهم بتاتاً”.
من هذا المنطلق، نضم صوتنا إلى كافة الأصوات المطالبة بالنظر في معاناة الـ “بدون” وعديمي الجنسية في المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج، خاصة البحرين والكويت، وإعطائهم كافة الحقوق التي يجب أن تُمنح لكل إنسان على وجه الأرض، كما نطالب الأمم المتحدة ومفوضية اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية بالتدخل العاجل لإيجاد حلول لأزمة البدون وضمان توطينهم ومنحهم كل حقوقهم.