بعد مصالحة قطر: على محمد بن سلمان اتخاذ خطوات مماثلة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد
رحبت منظمة “معاً من أجل العدالة” بإعلان المملكة العربية السعودية فتح الأجواء والحدود مع قطر في خطوة رئيسية على أولى طريق إنهاء الأزمة الخليجية التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات ونصف بعد إعلان المملكة، إلى جانب الإمارات ومصر والبحرين، فرض حصار على قطر وقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية معها.
وبحسب مسؤولين رفيعي المستوى، فإن دول الحصار الأربع وافقوا على رفع الحصار الجوي والبري عن قطر مقابل تنازل قطر عن الدعاوى القضائية التي رفعتها ضد هذه الدول في المحاكم الدولية للانتصاف لضحايا قرارات المقاطعة التي فُرضت في يونيو/حزيران 2017، باعتبار أن إنهاء الأزمة سيعيد الحقوق الضائعة إلى أصحابها المتضررين.
كانت السعودية من أوائل دول الحصار التي استجابت لمفاوضات المصالحة وإنهاء الأزمة، إذ دخل قرار فتح الأجواء مع قطر حيز التنفيذ فوراً، وبالفعل تم تسيير أولى الرحلات القطرية إلى المملكة، كما ترأس الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وفد بلاده لحضور القمة الخليجية الـ 41 التي تستضيفها مدينة العلا السعودية، في إشارة إلى إمكانية عودة العلاقات بصورة طبيعية مرة أخرى.
إن هذا القرار هو تقدم كبير يتوج المساعي التي سلكتها العديد من الجهات الخارجية وعلى رأسهم دولة الكويت لإزالة الخلاف وإقناع الأطراف بالمصالحة، خاصة وأن تلك الأزمة أضعفت مجلس التعاون الخليجي سياسياً واقتصادياً، بعد أن كان هذا الكيان بمثابة صمام الأمان للدول الأعضاء فيما يتعلق بحماية مصالحهم الدبلوماسية والأمنية والتجارية.
وعلى الرغم من فائدة وأهمية هذه الخطوة، شددت “معاً من أجل العدالة” على ضرورة عدم نسيان الأبرياء الذين امتلأت بهم السجون السعودية بعد انتقادهم قرار الحصار، أو إعلانهم عن رغبتهم في إبرام صلح بين الأشقاء الخليجيين الذين تجمعهم أواصر أخوة ومحبة، وبينهم مصالح أكثر بكثير من الأسباب الواهية تلك التي خُيل إليهم أنها يجب أن تكن سبباً للفرقة، وعلى رأس هؤلاء الداعية السعودي سلمان العودة، المعتقل منذ أكثر من ثلاث سنوات بعد إبداء رغبته في الصلح.
وتساءلت منظمة “معاً من أجل العدالة” عن مصير الشيخ سلمان العودة وغيره من المعتقلين الذين رفضوا قرار الحصار، سواء صراحة أو بالامتناع عن التهليل له كما حدث مع عدد من الدعاة والخطباء، مشيرة إلى أن السبب الرئيسي وراء اعتقالهم قد زال، فلما الإبقاء عليهم رهن الاحتجاز!
وكان الداعية الشيخ سلمان العودة قد اُعتقل في سبتمبر/أيلول 2017 في أعقاب نشره لتغريدة على حسابه الرسمي على موقع “تويتر” ابتهل فيها إلى الله لتأليف القلوب، وهو ما اعتبره النظام السعودية خروجاً على الحاكم إذ رغب الشيخ في “أشياء” لم تكن على هوى النظام، وكانت هذه التغريدة كفيلة لأن يسجن ويُعذب ويفقد نصف سمعه وبصره ويتهم بالإرهاب ويهدد بالإعدام تعزيراً على خلفية تلك التهم.
وأخيراً، نطالب في “معاً من أجل العدالة” النظام السعودي باتخاذ خطوات مماثلة لخطوة المصالحة التي تنم عن بادرة احترام للمبادئ الإنسانية، وإيلاء أوضاع حقوق الإنسان في الداخل اهتماماً أكبر، والإفراج عن كافة معتقلي الرأي، والتخلي عن النهج المتناقض في التعامل مع القضايا الداخلية في البلاد، إذ تكرر الأمر مع الناشطة المعتقلة لُجين الهذلول وعدد من المدافعين والمدافعات عن حقوق المرأة، الذين اعتقلوا لمطالبتهم بإدخال بعض الإصلاحات على ملف المرأة في السعودية كتغيير صلاحيات نظام ولاية الرجل، والسماح للمرأة بقيادة السيارة، وهي إصلاحات قد تمت بالفعل بأوامر مباشرة من ولي العهد، وفي المقابل، لا زال هؤلاء المعتقلين والمعتقلات نزلاء أشد السجون السعودية قساوة وأسوأها ظروفاً.