صحافة عالميةصحافة عالمية

تقرير: السلطات السعودية مستمرة في التنكيل بالعمال المهاجرين

نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريراً حول الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون الإثيوبيون وغيرهم من الجنسيات الأخرى على يد السلطات السعودية منذ ما يقارب عامين بحجة مكافحة وباء كورونا الذي ضرب العالم مطلع عام 2020.

التقرير الذي نُشر في وقت سابق من هذا الأسبوع تضمن شهادات مباشرة من إثيوبيين تعرضوا للضرب والابتزاز، واحتجزوا داخل في غرف مزدحمة وملوثة حيث يُحتجز آلاف الأشخاص من العمال المهاجرين، تم ترحيل بعضهم تعسفياً بالفعل من جميع أنحاء المملكة.

في إفاداتهم للموقع، قال مهاجرون إثيوبيون ينتظرون الترحيل إن السلطات السعودية أجرت عمليات تفتيش جماعية للمراكز، وصادرت الهواتف وأي أجهزة يمكن استخدامها لنقل صور معاناتهم إلى العالم الخارجي، في محاولة لمنع فضح الأوضاع المزرية التي يعانون منها خلال شهر رمضان، الأمر الذي من شأنه أن يؤجج العالم الإسلامي ضد السعودية في مثل تلك الأيام ذات القدسية الخاصة.

وقالت المصادر إن الشرطة السعودية أجبرت الأشخاص المقرر ترحيلهم بالتوقيع على اتفاقيات عدم إفشاء تمنعهم من التحدث إلى الصحفيين حول تجاربهم.

قال سمير، مهاجر إثيوبي محتجز في مركز للترحيل في الرياض: “لقد جاءوا إلى هنا بحثًا عن هواتف لأنهم لا يريدون أن يرى العالم صوراً لمعاناتنا هنا… عندما يجدون هاتفًا، يضربون صاحبه بالهراوات”.

ارتفع عدد المحتجزين الإثيوبيين في مختلف مراكز احتجاز المهاجرين في الأشهر الأخيرة، في محاولة لتخفيف العبء أثناء فترة كورونا، كما توصلت السلطات السعودية إلى اتفاق مع إثيوبيا في مارس/آذار لطرد ما لا يقل عن 100 ألف إثيوبي، كثير منهم اعتُقل في موجات من حملات القمع ضد المهاجرين العام الماضي.

وبحسب المهاجرين المحتجزين الذين تمكن الموقع من التحدث إليهم، فإن أوضاع الاحتجاز والمعيشة غير آدمية بالمرة، لا يحصلون إلا على القليل من الطعام ويحتجزون لأشهر في غرف مزدحمة وغير نظيفة وملوثة.

قال نبيل، وهو معتقل في الرياض: “نحن غاضبون… هناك القليل من الطعام والكثير منا لم يغادر الزنزانة منذ تسعة أشهر… كنا نحصل على قطعة خبز ثلاث مرات في اليوم… منذ رمضان نحصل عليها مرة واحدة فقط في المساء”.

بيئة خصبة للأمراض

عام 2020، التقط بعض المعتقلين بواسطة الهواتف الذكية التي تم تهريبها إلى مركزين لاحتجاز المهاجرين صوراً أظهرت مئات الرجال الأفارقة وهم متكدسين داخل الزنازين، بدا بعضهم على وشك الموت، في أماكن ضيقة حيث تتدفق مياه الصرف الصحي وتتفشى الأمراض.

أكدت جماعات حقوقية حينها أن الانتهاكات والوفيات كانت شائعة في هذه المراكز، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020 أصدر برلمان الاتحاد الأوروبي قراراً يدين السعودية لإساءة معاملتها للمهاجرين.

أدت الضجة في نهاية المطاف إلى إعادة عشرات الآلاف من المهاجرين إلى أوطانهم على مدار عام 2021، والذين لا يزال الكثير منهم يعاني من اضطراب ما بعض الصدمة.

وبالرغم من توقيع اتفاقية ترحيل للإثيوبيين بين الرياض وأديس أبابا في مارس/آذار 2022، لا تزال الجماعية السلطات السعودية مستمرة في استهداف آلاف المهاجرين، وصل عددهم بحسب المصادر إلى 15000 مهاجراً، معظمهم من الإثيوبيين واليمنيين، تم احتجازهم في أسبوع واحد في مارس/آذار وحده، ما يعني أن مقار الاحتجاز لا تزال ممتلئة المهاجرين الذين يعانون من انتهاكات عدة.

قال أحدهم المحتجزين “هذا المكان مليء بالأمراض… الجميع يمرض لأنهم يتركوننا نعيش ونأكل على أرضية قذرة ورائحة البول النتنة في كل مكان”.

يبدو أن تصريحات المهاجرين حول الأوضاع في مراكز الاحتجاز تتوافق مع تقييم الموظفين من منظمة الهجرة الدولية (IOM) ووكالات الأمم المتحدة الأخرى التي تدعم جهود الإغاثة في مراكز استقبال العائدين في إثيوبيا.

إيفون نديجي، المتحدثة باسم مكتب الوكالة في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، قالت تعليقاً على الوضع “منظمة الهجرة الدولية لاحظت أن الأمراض المعدية، مثل السل والأمراض الجلدية منتشرة بين العائدين”، وأضافت “قد تكون الفترات الطويلة في المرافق المزدحمة وغير الصحية عاملاً مساهماً في هذه المشكلة”.

قال علي – مهاجر محتجز في مركز الشميسي – “لقد تركنا هنا لنتعفن…. منذ أن وضعوني هنا، رأيت دبلوماسيين من تشاد وغانا والصومال يأتون للاستفسار عن مواطنيهم…. لم يقم أحد من السفارة الأثيوبية بزيارتنا على الرغم من أن الإثيوبيين يشكلون الأغلبية هنا.”

وأضاف علي “على مدار أشهر طويلة كانت القاعدة السائدة هي الضرب والإهانة والاحتجاز في أماكن يملأها الصرف الصحي… لكن مؤخراً بدأ مسؤولو السجن في ابتزاز عائلات المعتقلين”.

وأوضح علي “كل أسبوع، يأتي الحراس إلى هنا ومعهم بضائع من السوق… يجلبون المياه النظيفة والبسكويت وأشياء أخرى من الخارج… لا يمكننا شراء هذه العناصر إلا من خلال تحويل عائلاتنا الأموال إلى الحسابات الشخصية للعاملين في السجون… يتقاضون منا أكثر من السعر في السوق السعودي… تمتلئ جيوبهم الآن بالكثير من الأموال المحولة من عائلاتنا “.

العديد من المعتقلين هم من بين عشرات الآلاف الذين يقدر أنهم يسافرون كل عام على طول ممر المهاجرين الخطير للغاية من شرق إفريقيا، عبر البحر الأحمر، إلى اليمن والمملكة العربية السعودية، لكن آخرين قضوا سنوات في العيش والعمل بشكل قانوني في المملكة قبل اعتقالهم.

قال عمر، وهو مهاجر آخر في الشميسي، “قضيت سبع سنوات في العمل في شركة في جدة بشكل قانوني…لكن الشركة فصلتني من عملي لأنها أفلست بسبب الوباء… بدون صاحب عمل، لم أستطع تجديد أوراق إقامتي… تم اعتقالي بعد فترة وجيزة من انتهاء صلاحية أوراقي.”

وأضاف سمير أن هذا هو الحال مع العديد من الوافدين الجدد الذين غمروا مركز الاحتجاز في الرياض الذي يحتجز فيه… تم اعتقال ما يقرب من 10000 من المحتجزين في حملة مارس / آذار بسبب تصاريح الإقامة.

قال سمير: “تخيل أن تكون سائقًا لشركة في يوم من الأيام، ثم تُجبر فجأة على الجلوس في غرفة صغيرة مزدحمة بدون طعام، في مكان ملوث يتسبب في طفح جلدي معدي في اليوم التالي… إنه أمر مأساوي”.

وصف ثلاثة إثيوبيين رُحلوا إلى ديارهم أنهم طُلب منهم توقيع اتفاقيات عدم إفشاء تعليمات لهم بتجنب الحديث عن تجاربهم في الاحتجاز، وقال أحدهم إن الضابط حذر من أنه “سيتم اتخاذ إجراءات قانونية ضد المخالفين حتى في إثيوبيا”.

في غضون ذلك، لم يكن الآخرون مهاجرين في الواقع، بل كانوا من عائلات المهاجرين، كما حدث مع عائشة،18 عامًا، والتي أمضت أربعة أشهر في الشميسي قبل نقلها على متن طائرة متجهة إلى بلد والديها. وتتذكر تلك الليلة التي داهمت فيها شرطة الهجرة المعروفة باسم “الجوازات” منزل عائلتها في مكة واعتقلتها مع شقيقها ووالدها.

قالت وهي تبكي: “جاؤوا ليلاً دون سابق إنذار وكسروا الباب…. استخدموا لغة بذيئة أثناء مخاطبتنا ورافقونا إلى حافلة صغيرة أحضروها مع مجموعة المداهمة… كان الأمر مهينًا للغاية”.

يعاني العديد من العائدين إلى إثيوبيا من أمراض نفسية بسبب الصدمة، إلى جانب الأذى الجسدي الذي تعرضوا له، ما تسبب في ضغوط كبيرة على العاملين في مجال الصحة النفسية في مراكز العائدين.

قالت إيفون نديجي من المنظمة الدولية للهجرة إنه بالإضافة إلى الاستشارة والدعم النفسي والاجتماعي الذي تقدمه منظمة الهجرة الدولية “يحتاج العديد من العائدين في كثير من الأحيان إلى رعاية نفسية مكثفة وسريرية عند وصولهم إلى المنزل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى