ثمان سنوات من الاختفاء القسري وعقاب جماعي لجميع أفراد الأسرة: أين الشيخ سليمان الدويش؟
أسابيع قليلة تفصلنا عن مرور ثمان سنوات كاملة على اعتقال الداعية السعودي والمفكر الإصلاحي سليمان الدويش واختفائه قسريًا طوال هذه المدة مع انقطاع تام لأخباره وأي معلومات عنه، لدرجة أن عدد من المعتقلين تحدثوا عن مخاوفهم من وفاته بسبب حجم التعذيب الوحشي الذي كان يتعرض له على يد الأجهزة الأمنية.
اعتقل الشيخ سليمان الدويش أبريل/نيسان 2016، وحسب مصادر خاصة فإن اعتقاله جاء بعد نشره سلسلة من التغريدات التي تنتقد السياسات الحالية للنظام الحاكم، ورفضه أن تصبح الصلاحيات في يد شخص واحد خاصة إن كان لا يمتلك الخبرة الكافية لذلك، وهو ما اعتبره ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إهانة شخصية له.
وبحسب إفادات لمعتقلين سابقين، فإن الدويش كان محتجزاً معهم في مرفق اعتقال سري تابع للديوان الملكي في الرياض، وكان يتعرض لتعذيب وحشي بإشراف وأوامر مباشرة من ولي العهد نفسه، حيث كان يتم إحضاره لغرفة تحقيق سرية مقيدًا بالسلاسل ويتم صعقه بالكهرباء وضربه بصورة وحشية، بالإضافة إلى الاعتداء اللفظي مع التهديد بالقتل، حتى أن بعض المعتقلين شكوا في وفاته أكثر من مرة بسبب شدة التعذيب، وحتى اللحظة لا يوجد أي تأكيد بالسلب أو الإيجاب حول هذه المعلومة.
عائلة الدويش حاولت معرفة أخباره أو مكان احتجازه، وعليه توجه أحد أبنائه -عبد الرحمن- لتقديم بلاغ للنيابة العامة السعودية، لكن السلطات قررت معاقبة الابن لسعيه القانوني وراء أثر الوالد، وقامت باعتقاله في -أكتوبر/تشرين الأول 2022-، ثم اعتقل شقيقه الآخر، وبعد فترة اعتقلت السلطات الشقيق الأصغر، مالك الدويش.
الجدير بالذكر أن صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية كانت قد نشرت مقالاً إبان زيارة بايدن للسعودية، حذرت فيه من المخاطر التي تحيط بزيارة بايدن للسعودية، خاصة وأنه لا يوجد أي أمل في تحسين أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، في وقت تتصاعد فيه حملات القمع الشرسة، والتي طالت أحد المواطنين الذين تواصلوا مع الجريدة لنقل معاناة عائلته على يد الأمن السعودي.
كان الشخص المقصود هو مالك الدويش، ابن الداعية المعتقل سليمان الدويش، وقد كشفت الصحيفة أن مالك الدويش أجرى حواراً مع الصحيفة قبل فترة بالرغم من المخاطر التي تنتظره بسبب حوار كهذا، وأشار إلى أنه ليس لديه ما يخسره بالتحدث علانية من داخل المملكة العربية السعودية، خاصة وأن اثنين من أشقائه اعتقلا بعد اختفاء والده.
في حواره مع الصحيفة، قال مالك إنه تعرض للاعتقال والاستجواب والتهديد من قبل أمن الدولة السعودي أكثر من مرة بسبب اتصاله بمراسل الجريدة.
في وقت سابق من العام الماضي، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكمًا بسجن المعتقل السياسي مالك الدويش لمدة 27 عامًا بعد نحو سنة من محاكمة صورية وهزلية على خلفية اعتقاله بسبب مطالبته بالكشف عن مصير والده الشيخ سليمان الدويش المختفي قسريًا منذ 2016.
الحكم الصادر ضد مالك الدويش يجسد سياسة العقاب الجماعي في أبشع صورها، وهي سياسة ينتهجها النظام السعودي للتنكيل بالمعارضين وعوائلهم بهدف كسر إرادتهم وسحق كافة أشكال المعارضة.
بدورنا نطالب الحكومات والأنظمة الدولية باتخاذ مواقف أكثر جدية من النظام السعودي والتدخل لوضع حد لانتهاكاته المتزايدة، والتي يشجعها استمرار التعاون معه.
كما نطالب بالتدخل الأممي العاجل وفتح تحقيقات فيما يتعرض له المعتقلون السياسيون في المملكة، وتشكيل لجنة دولية لفحص ظروف احتجازهم، والضغط من أجل إجلاء مصير كافة المختفين قسرياً وضمان محاكمة عادلة لكافة المعتقلين.