صحافة عالمية

خاشقجي.. صدمة لدى معارضي المنفى بعد عدم فرض عقوبات على بن سلمان

في أعقاب إصدار تقرير استخباراتي وجد أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وافق على مقتل الصحفي جمال خاشقجي في اسطنبول عام 2018، صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم السبت إن الولايات المتحدة ستصدر بياناً حول موقفها من السعودية يوم الاثنين المقبل، دون الإشارة إلى أي عقوبات قد تصدر ضد بن سلمان.

على خلفية هذا، أعرب معارضون سعوديون في الخارج عن غضبهم ودهشتهم من أنه بالرغم من أن الولايات المتحدة قد أكدت رسميًا وجهة النظر المشكوك فيها منذ فترة طويلة بأن الأمير محمد “وافق” على قتل خاشقجي، فإنه سينجو من العقاب، حيث تبع إصدار التقرير إعلان وزارة الخارجية عن عقوبات وحظر تأشيرات لـ 76 سعوديًا متورطين في الجريمة وجرائم مشابهة، لم يكن من بينهم بن سلمان.

وبحسب صحيفة الغارديان البريطانية، فإن نشر التقرير في الأسابيع الأولى من ولاية بايدن، يؤكد أنه يفي بوعود حملته الانتخابية التي أكد فيها أنه سيتم إعادة تقييم العلاقات مع المملكة العربية السعودية بعد أن اتهم منتقدون دونالد ترامب بتجاهل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان مثل الحملة القمعية الشاملة على النشطاء والحرب في اليمن.

لكن وبالرغم من نشر هذا التقرير الذي طال انتظاره، فإن عدم فرض أي عقوبات على بن سلمان تسبب في صدمة كبيرة في المنطقة وكذلك لدى المنفيون السعوديون الذين شنوا الكثير من الحملات الاليكترونية منذ نشر التقرير للمطالبة بمعاقبة محمد بن سلمان.

محمد بن سلمان: أتحمل مسؤولية مقتل خاشقجي لأنها حدثت وأنا في السلطة |  الميادين

في بيان له، قال حزب الجمعية الوطنية السعودي المعارض في المنفى إن “العدالة الحقيقية لخاشقجي وآخرين يواجهون مخاطر مماثلة ستتحقق بتنفيذ توصيات تحقيق الأمم المتحدة في وفاة خاشقجي، وعلى رأسها متابعة الملاحقات الجنائية في الولايات المتحدة واستخدام عقوبات قاسية على غرار ماغنيتسكي ضد المسؤولين المتورطين في الجريمة”.

أما، أمريت سينغ، المحامي في مبادرة عدالة المجتمع المفتوح، والذي رفع دعوى قضائية لإصدار تقرير المخابرات، قال: “من غير المعقول أن تسمح حكومة الولايات المتحدة للقاتل – ولي العهد – بالإفلات من العقاب”…  الفشل في محاسبة الأمير على الفور يجعل تصريح [وزير الخارجية] أنتوني بلينكين موضع سخرية، حيث صرح الأخير بأن الولايات المتحدة تضع الديمقراطية وحقوق الإنسان في صميم السياسة الخارجية.”

قال أحد السعوديين المنفيين لصحيفة الأوبزرفر بعد تجاهل فرض أي عقوبات على بن سلمان ” أشعر بخيبة أمل كبيرة، لكن الوقت مبكر ونتوقع المزيد في المستقبل”.

خاشقجي، الذي أصبح من أبرز معارضي النخبة الحاكمة في السعودية وانتقل إلى الولايات المتحدة فراراً من بطش الأمير عام 2017، قُتل داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018، بعد زيارته القنصلية للحصول على وثائق لزواجه من المواطنة التركية، خديجة جنكيز.

التسجيلات الصوتية والأدلة الأخرى التي جمعتها السلطات التركية أوضحت كيف قام فريق من العملاء السعوديين، الذين وصلوا إلى إسطنبول في اليوم السابق، على متن طائرات خاصة مملوكة للدول، بإخضاعه وقتله ثم تقطيع جثته.

وبحسب المحققون الأتراك، فإنهم يرجحون بصورة كبيرة أن فرن كبير على طراز التندور يوجد في مبنى القنصلية هو المكان الذي استخدم للتخلص من رفات خاشقجي.

ظل مصير خاشقجي مجهولاً لأيام حتى صرحت الحكومة التركية أنه قتل، وبعد نفي ذلك لفترة من قبل السلطات السعودية، اعترفت الرياض في نهاية المطاف بمقتل خاشقجي، قائلة إنها كانت عملية تسليم سارت بشكل خاطئ بعد أن قُتل على يد مجموعة “مارقة”، لكنها نفت أي تورط لولي العهد.

خمسة رجال من المتهمين بقتل خاشقجي حكم عليهم بالإعدام في المملكة العربية السعودية، لكن الأحكام خُففت أحكامهم إلى السجن لمدة 20 عاما بعد إصدار عفو من قبل أسرة الضحية، لتصف المقرر الخاص للأمم المتحدة أنييس كالامارد هذه المحاكمة بأنها “استهزاء بالعدالة”.

لم يكن خاشقجي هو المعارض الوحيد في الخارج الذي تستهدفه السلطات السعودية، ظهرت أدلة على عدة عمليات اختطاف أخرى خارج الحدود ومحاولات اختطاف وتهديدات بالقتل ضد منتقدي الأمير محمد منذ وفاته.

على سبيل المثال، اختفى أحمد عبد الله الحربي، 24 عامًا، وهو ناشط سعودي يعيش في مونتريال، الشهر الماضي، مما أثار الذعر والخوف بين رفاقه، ليعود إلى الظهور في الرياض بعد ثلاثة أسابيع مغيراً نشاط حسابه على تويتر، حيث قام بحذف جميع التغريدات المعارضة للسلطات، ليحتوي حسابه على تويتر الآن على صورة للأمير محمد بن سلمان.

قال أصدقاؤه وزملائه النشطاء إنهم يخشون أنه أُجبر على العودة إلى الديار بعد تهديده بتعريض أفراد أسرته في البلاد للاعتقال وغيرها من الانتهاكات.

قالت سارة ليا ويتسون، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية في العالم العربي الآن، المنظمة التي أسسها خاشقجي قبل وفاته واستكمل نشاطها أصدقاؤه: “إن منطق الإدارة [في عدم استهداف الأمير محمد] هو أنه من خلال معاقبة جميع مساعدي الأمير وشركائه، فإنه سيفهم الرسالة”.. لكن بالرغم من فرض عقوبات على 17 مسؤولا سعوديا وقت مقتل خاشقجي، من بينهم ذراع ولي العهد الأيمن سعود القحطاني، استمر محمد بن سلمان في تهديد وقتل المعارضين في الخارج.

لذلك فإن الولايات المتحدة بتجاهلها بن سلمان “أرسلت رسالة واضحة هنا مفادها أنه لا يهم مدى فظاعة جرائمك: إذا كنت مهمًا بدرجة كافية، فسيكون هناك إفلات من العقاب” كما صرحت ويتسون.

اقرأ أيضًا: الغارديان: هل دفعت انتهاكات حقوق الإنسان بايدن لتهميش بن سلمان؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى