صحافة عالمية

خديجة جنكيز: عزيزي بايدن.. من فضلك لا تخلف بوعدك بمحاسبة النظام السعودي

ترجمة لمقال خديجة جنكيز في واشنطن بوست

انقلبت حياتي رأساً على عقب بعد 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، ذلك التاريخ المشؤوم، حين دخل خطيبي الكاتب الصحفي جمال خاشقجي القنصلية السعودية في اسطنبول للحصول على وثيقة لإتمام إجراءات زواجنا.

انتظرت جمال خارج القنصلية، كنت قلقة للغاية، لكنني أيضاً كنت سعيدة، لأن حياتنا الجديدة كانت قاب قوسين أو أدنى، لكن جمال لم يخرج أبداً.

تعرض جمال للتعذيب والضرب داخل القنصلية، قُتل بطريقة وحشية حيث خُنق وقُطعت أوصاله، وبحسب وكالة المخابرات المركزية، أصدر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بنفسه الأمر بارتكاب هذه الجريمة الشنعاء… منذ ذلك الحين، يطاردني التفكير فيما حدث لجمال وتفاصيل المعاناة التي تحملها كل يوم.

في الأيام والأسابيع والسنوات التي تلت ذلك اليوم، شاهدت قتلة خطيبي وهم يتجولون بحرية، كان الأمر مرعباً بالنسبة لي، بينما كنت أكافح من أجل الاستمرار في حياتي، تجاهل الرئيس دونالد ترامب الدعوات لمحاسبة قتلة جمال، وكافأهم بأسلحة بمليارات الدولارات.

عزيزي الرئيس بايدن، بما أنني كنت على وشك أن أفقد كل أمل، فقد كانت ملاحظاتك عندما وقفت على منصة النقاش في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 هي التي أعادت إحياء مسيرتي… لقد تعهدت بتقديم قتلة جمال إلى العدالة… قلت: “لقد قُتل خاشقجي وقُطعت أوصاله، بأمر من ولي العهد-هذا ما أؤمن به”، وأضفت أنك ستجعل المملكة العربية السعودية “منبوذة”.

لقد تعهدت أيضاً بالابتعاد عن سياسات إدارة ترامب والتركيز على حقوق الإنسان وسيادة القانون، وعليه استعدت أملي من خلال خطاباتك التي أكدت فيها دوماً أنك لن تتخل عن الضحايا.

سيدي الرئيس بايدن، اكتشفت حينها أن لدينا شيئًا واحدًا مشتركًا…. أنت تفهم كيف تشعر أن مستقبلك تدمر فجأة بسبب المأساة، تمامًا كما حدث لي… تذكر في عام 1972، بينما كانوا في طريقهم لشراء شجرة عيد الميلاد، حصد حادث سيارة مروع أرواح زوجتك وابنتك الرضيعة.

استطعت أن أرى كيف أثرت تلك المعاناة التي لا تطاق على حياتك السياسية… لقد منحك التعاطف والقدرة على فهم أولئك الذين تعرضوا للظلم… اعتقدت أنك ستكون الشخص الذي سيتبع بوصلته الأخلاقية ويفعل ما يمليه عليه ضميره… وفي يوم تنصيبكم، شعرت أخيرًا بالسعادة وكان لدي أمل في أن تتحقق العدالة في النهاية.

يمكنك أن تتخيل مدى صدمتي وخيبة أملي عندما علمت أنك ستخالف وعدك وتسافر إلى المملكة العربية السعودية لمقابلة ولي العهد السعودي- الشخص الذي حددته المخابرات الأمريكية كان مسؤولاً عن الأمر بقتل جمال.

إنك تدين روسيا لاضطهادها المنشقين وارتكابها جرائم حرب في أوكرانيا، لكن النظام السعودي يرتكب نفس الانتهاكات المروعة ضد حقوق الإنسان. لماذا يتم منحه تصريحًا؟ هل هذا مقابل النفط؟

في الوقت الذي بلغت فيه الهجمات على حرية الصحافة أعلى مستوياتها على الإطلاق، فإن زيارتك ستلوث سمعتك وترسل رسالة إلى الحكام المستبدين في جميع أنحاء العالم رسالة بأنه يمكنهم سجن الصحفيين أو تعذيبهم أو حتى قتلهم دون أي عواقب.

سيادة الرئيس، كان جمال سيسألك هذا السؤال إذا كان لا يزال على قيد الحياة: من سيدافع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان إذا لم تقف الولايات المتحدة في وجه الاستبداد؟ إذا لم تواجه أولئك الذين يسخرون من هذه القيم الأساسية في وقت يحتاج فيه العالم إلى قيادة مبدئية الآن، فمتى إذاً يمكن القيام بهذا الدور؟

أيها الرئيس، تخيل نفسك في موقفي، تحاول المضي قدمًا وأنت تعلم أن الأشخاص الذين قتلوا من تحبهم ما زالوا أحرارًا… تخيل صدمة معرفة أن ما حدث لأحبائك يمكن أن يحدث لشخص آخر -وسيحدث- لأن الجناة يعرفون أنه لن تكون هناك عواقب.

كنت، مع عدد لا يحصى من أصدقاء جمال، على ثقة من أنك ستفي بوعودك.. والآن زيارتك ليست مجرد خيانة لوعودك؛ لكنها تخاطر بتشجيع محمد بن سلمان على ارتكاب مزيد من هذه الجرائم.

سيادة الرئيس بايدن، إذا صممت على هذه الزيارة، فأناشدك: من فضلك استخدمها لمساعدة أولئك الذين ما زالوا يعانون… قبل لقاء محمد بن سلمان، طالب بالإفراج عن جميع المعتقلين ظلماً، مثل عبد الرحمن السدحان، نجل وشقيق لمواطنين أمريكيين، الذي تعرض للتعذيب، واختفى، وحُكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً – كل ذلك بسبب جريمة نشر تغريدات ساخرة من حساب مجهول الهوية.

يمكنك أيضًا المطالبة برفع حظر السفر غير القانوني، والذي تم إساءة استخدامه لإبقاء المنتقدين محاصرين داخل البلاد، حيث يتم تقييد حريتهم في التعبير.

اسأل عن لجين الهذلول، وعزيزة اليوسف المقيمة في الولايات المتحدة، والمواطنين الأمريكيين صلاح الحيدر وبدر الإبراهيم، وجميعهم حريتهم مقيدة بسبب حظر السفر.

سيادة الرئيس بايدن، بدلاً من المساعدة في مداواة آلامنا والتخفيف من حزننا بتحقيق العدالة وتعريض الجناة للمساءلة، ستزيد هذه الزيارة بشكل كبير من حزننا ويأسنا…. أناشدك إلغاء رحلتك والوفاء بوعدك بالسعي لتحقيق العدالة لجمال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى