دعوة على الظالمين كانت سبباً في اعتقال إمام الحرم المكي
لم يكن في حسبان الشيخ صالح آل طالب – إمام وخطيب المسجد الحرام- أن كلمة الحق التي لم يعتاد إلا قول غيرها ستكون سبباً في حرمانه من حريته لأجل غير مسمى بأوامر عُليا فقط لا لشيء سوى إمعاناً في القمع والتنكيل بكل صاحب رأي وفكر لا يتبع أجندة النظام.
في خطبة الجمعة يوم السابع عشر من أغسطس/آب 2018 يبدو أن الشيخ صالح تجاوز خطوط حمراء وضعتها القيادة الحالية، إذ لم يمر 48 ساعة حتى اعتقل ومنذ ذلك الحين وهو محتجز دون تهمة رسمية مع تجاهل تام من السلطات أي مطالبات حقوقية للإفصاح عن موقفه القانوني أو أسباب وظروف اعتقاله.
في تلك الخطبة، تحدث الشيخ عن المنكرات ووجوب إنكارها على فاعلها، واختتم خطبته بالدعاء على “الطغاة والظالمين”، بالإضافة إلى إعطاء مساحة كبيرة من خطبه للتحدث عن طغيان قوات الاحتلال الإسرائيلي والظلم الذي يُمارس ضد الأشقاء الفلسطينيين منذ أكثر من 7 عقود.
كما أكد آل طالب أن “الثابت منذ الفتح وحتى المحشر أن بلاد فلسطين ومدينة القدس بلاد اسلامية عربية والطارئ والاستثناء هو وقوعها في يد غيرهم”، وأضاف أن “كل إرادة قوة تفرض غير ذلك إنما تعبث في الدماء وتؤجج العنف والبغضاء، وتحدث شرخا في الانسانية وتشوهات في الحضارة، ثم تؤول عاقبة أمرها خسرا”.
كما شدد آل طالب على أنه “لا يليق بأمة الإسلام أن تغرق في خلافات جانبية ونبرات اقليمية وأنانية، مشيرا الى أنه يجب أن تقدم مصالح الأمة الكبرى على كل مصلحة فرعية، وأن تُسمع نداءات الحق والعدل ومبادرات الحزم والعقل بأن تطّرح الخلافات، وتتوحد الأمة في وجه الأزمات”.
الخطاب الذي كان يتبناه الشيخ صالح كان مخالفاً تماماً للنظام، الذي يقوم بأوامر من ولي العهد الحالي بحملات اعتقالات شرسة في صفوف كل من يدعو لتجنب الخلافات العربية، باعتبار أن هذه دعوة للمصالحة مع قطر التي كانت ضمن أعداء المملكة في فترة من الفترات بعد إعلان مقاطعتها في يونيو/حزيران 2017، كذلك هجوم الشيخ المستمر على إسرائيل وإدانته ممارسات العدوان الإسرائيلي كان يعتبر انتهاكاً لسياسة التطبيع التي يبدو أن النظام الحالي يسعى إليها.
الجدير بالذكر أن السلطات السعودية ومنذ سبتمبر/أيلول 2017 قامت باعتقال عشرات الدعاة والمفكرين والنشطاء المدنيين، لا زال أغلبهم رهن الاحتجاز التعسفي حتى الآن مثل الداعية سلمان العودة وعوض القرني، الذين تُعقد لهم جلسات محاكمة سرية مثلهم مثل كافة معتقلي الرأي في المملكة الذين تعرضوا لتعذيب وحشي للإجبار على الاعتراف، بالإضافة إلى فضلاً عن حرمانهم من زيارات الأهل والمعاملة السيئة والمهينة التي يلاقونها داخل السجون.
ما يتعرض له الشيخ صالح، هو جزء من فيض بحر الانتهاكات والقمع الذي يمارسه النظام الحالي ضد كل من يتفوه بكلمة تخالف هوى النظام وتعارض سياساته، رغم أن حرية التعبير حق أصيل لكل إنسان مكفول له عالمياً.
اقرأ أيضًا: شهادات صادمة حول بعض أساليب التعذيب التي تمارس بحق معتقلي الرأي في المملكة السعودية
تعليق واحد