زيارات أمريكية مكثفة للسعودية… ولا عزاء لحقوق الإنسان
شهد الأسبوع الماضي تصريحات أمريكية رفيعة المستوى عن توجه عدد من كبار مسؤولي البيت الأبيض للسعودية خلال الأشهر الحالية للقاء ولي العهد السعودي وبحث سبل التعاون الثنائي بعد البلدين.
في البداية جاء الإعلان عن زيارة جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي وأقرب المساعدين لجو بايدن، للقاء محمد بن سلمان بحضور إماراتي وهندي في إطار تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية بين الأطراف الأربعة، وبهدف إقناع الرياض لتطبيع العلاقات مع إسرائيل والانضمام للدول العربية التي سبقتها ووقعت اتفاقيات أبراهام في عهد ترامب.
كما أعلنت وكالة بلومبرغ يوم الخميس أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن يعتزم زيارة المملكة في يونيو/حزيران لحضور اجتماع التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة “داعش”، فضلًا عن زيارات أخرى لمسؤولين في قطاعات مختلفة للحديث عن طرق تقوية العلاقات بين إدارة بايدن وبين الحليف التاريخي للولايات المتحدة في المنطقة.
هذه الزيارات تأتي بعد أن قررت الرياض البحث عن حلفاء دوليين آخرين وبدأت بالفعل في تقوية العلاقات مع خصوم الولايات المتحدة: الصين وإيران، وهو أمر يرى المحللون أنه دفع الولايات المتحدة للتراجع عن تعهداتها بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في السعودية والإسراع في عمليات التقارب بين البلدين مجددًا.
رغم انتقادات الكونغرس المستمرة، كان عهد ترامب هو العهد المثالي بالنسبة للإدارة السعودية الحالية، ومع انتخاب جو بايدن، ظن النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان أن زمن الإفلات من العقاب قد ولى، وأن المستقبل لا مكان فيه لمن لا يحترم حقوق الإنسان، خاصة بعد أن تعهد بايدن إبان حملته الانتخابية بأنه سيجعل محمد بن سلمان “منبوذًا”، وأنه سيجعل السعوديين يدفعون ثمن اغتيال خاشقجي، مشددًا أنه “لا مزيد من الشيكات على بياض… لن نمد السعودية بأسلحة لاستخدامها في حرب اليمن”.
لم تمض سوى أشهر قليلة حتى انكشف خداع بايدن، لم يوقع أي عقوبة مباشرة على بن سلمان بالرغم من تقرير المخابرات الأمريكية أنه متورط في مقتل خاشقجي، ثم تراجع عن تعهداته وسافر للقاء ولي العهد بعد الحرب الروسية الأوكرانية لحثه على انتاج النفط الذي تأثرت أسعاره بسبب الحرب، وبعد ذلك قررت إدارته أن بن سلمان يتمتع بالحصانة القانونية ولا يحق مساءلته قضائيًا في الدعوى المدنية التي رفعتها منظمات حقوقية لاتهامه بالضلوع في قتل خاشقجي.
الوقت يمر، لم يف بايدن بأي من وعوده، وعلى العكس، ضاعف من حجم التعاون بين إدارته وبين نظام محمد بن سلمان، تاركًا السجون السعودية تعج بمئات الضحايا، بينهم مواطنين أمريكيين وأقارب مواطنين أمريكيين، دون تدخل يحفظ ماء وجهه بعد كل التعهدات التي تعهد بالتمسك بها خلال حملته.