سلمان العودة: خمس سنوات من الاعتقال التعسفي… وثلاث سنوات من منع التواصل
قبل خمس سنوات من هذا اليوم، تحديداً في 10 سبتمبر/أيلول 2017، قامت الأجهزة الأمنية السعودية باعتقال الداعية الإسلامي والمفكر السعودي الشيخ سلمان العودة على خلفية تغريداته على تويتر التي دعا فيها للمصالحة مع قطر وإنهاء الخلاف.
وبالرغم من إعلان النظام السعودي فك الحصار عن قطر وإعادة العلاقات الدبلوماسية مطلع العام الماضي، إلا أن العودة، وغيره ممن دعوا للصلح لا يزالون خلف القضبان، يعانون من ويلات السجون السعودية حيث المعاملة السيئة والانتهاكات المستمرة لأبسط الحقوق الأساسية.
منذ لحظة اعتقاله يقبع الشيخ سلمان العودة في الحبس الانفرادي، بلا أي مسوغ قانوني لذلك، إذ يعتبر الحبس الانفرادي إجراء تأديبي لا يستخدم إلا في حالات الضرورة القصوى، لكن النظام السعودي يستخدمه كعقوبة مضاعفة للانتقام من المعارضين والتنكيل بهم وكسر إرادتهم.
يعاني العودة من أوضاع احتجاز غير آدمية، ومخالفة للمعايير الدولية الدنيا في التعامل مع السجناء والمعتقلين، ما تسبب في تدهور حالته الصحية بصورة تهدد حياته بالخطر حال استمر احتجازه في تلك الظروف المروعة.
في تصريحات سابقة، قالت عائلة العودة إنه يعاني من ظروف صحية حرجة بسب الإهمال الطبي والعزل، حيث أكد نجله الأكاديمي عبد الله العودة في تغريدة على تويتر أن طبيب السجن أخبر والده أنه تقريبا فقد نصف سمعه وبصره خلال فترة احتجازه الطويلة في السجن الانفرادي.
وأوضح عبد الله -المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية ومهدد بالخطر حال عودته للمملكة- أن الأذى الذي يتعرض له والده منذ اعتقاله لم يتوقف منذ اليوم الأول للاعتقال حتى الآن، كما أشار إلى أن الشيخ سلمان يتعرض لسياسة ممنهجة لتصفيته عبر القتل البطيء في زنزانة معزولة، مضيفاً أن جرم والده أنه دعا لتأليف القلوب وإعطاء الأولوية لمصلحة الشعوب، وهو ما كلفه تعرضه للأذى والتعذيب النفسي والجسدي والإهمال الطبي.
يُحاكم الشيخ سلمان العودة حالياً أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض على خلفية اتهامه بـ “الإرهاب والتآمر على الدولة” محاكمتهم في جلسات سرية لا تحضرها وسائل الإعلام أو المنظمات الدولية، ومع حرمان تام من أي تمثيل قانوني، وفي المقابل حيث تطالب النيابة بإعدامه هو وعدد من معتقلي الرأي الآخرين، بتهمة “الخروج على ولاة الأمر”.
ويواجه الداعية الإسلامي 37 تهمة بينها الإفساد في الأرض بتأليب المجتمع، في حين أنه لم يدع إلا للتغيير في الحكومة السعودية، والانضمام لاتحادات وجمعيات عالمية وتأليب الرأي العام وإثارة الفتنة.
نؤكد أن العودة يتعرض لانتهاك صارخ لحقه في محاكمة عادلة فضلاً عن انتهاك كافة حقوقه الأخرى، وفي دولة بات فيها القضاء مسيسا لصالح النظام الحاكم، فإن السلطات لا زالت ترفض حضور أطراف مستقلة لإجراءات التقاضي، مع الإبقاء على العودة في الحبس الانفرادي حتى الآن.
بالإضافة إلى ذلك، يتم حرمان عائلته من زيارته أو الاتصال به منذ ثلاث سنوات تقريباً، فضلاً عن المضايقات المستمرة التي يتعرضون إليها بسبب وجود صلة قرابة معه، حيث يخضع نحو 19 فرداً من أفراد عائلته، لقرارات منع سفرٍ غير رسمية.
على السلطات السعودية أن تفرج فوراً عن العودة وتخرجه من الحجز الانفرادي وأن تمكنه من تلقي العلاج اللازم وتقديم العناية الطبية له أثناء وبعد الاعتقال قبل فوات الأوان.
ونذكر بما ينص عليه القانون الإنساني الدولي فيما يتعلق بالرعاية الصحية للسجناء المرضى، حيث ينص على ضرورة توفير العلاج المناسب لهم، كما يفرض القانون الدولي قيوداً على الإجراءات التأديبية مثل الحجز الانفرادي؛ وعليه فإن وضع العودة في الحجز الانفرادي وعدم تقديم عناية طبية ونفسية له يشكل انتهاكاً صارخا لمبادئ حقوق الإنسان.
ونطالب الجهات الأممية المعنية بالاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب إلى التحرك الفوري للكشف عن مصير المعتقلين والضغط على السلطات السعودية لاحترام المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان وضمان إطلاق سراح المعتقلين بشكل فوري.