صفقات بالملايين… تحسين أوضاع حقوق الإنسان هو الحل الأمثل
قبل أيام نشر موقع “بوليتيكو” الأمريكي تقريراً حول صفقة جديدة للنظام السعودي مع إحدى أهم شركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة، وذلك من أجل تحسين صورتها أمام العالم الغربي، والتي شُوهت بنسبة كبيرة بعد حادث اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، وبسبب الحرب الدموية التي دمرت اليمن.
وكانت السعودية قد تعاقدت مع شركة “إيديمان” للضغط والعلاقات العامة مقابل نحو 3 مليون ريالاً سعودياً سنوياً (787 ألف دولار)، لمدة خمس سنوات، وذلك عبر تدشين ما يُسمى حملة “Search Beyond”، والتي ستركز السعوديون خلالها على تطوير شراكات مع المشاهير ويبحثون عن الفرص التي يمكن أن تؤدي إلى إنتاجات سينمائية عالمية تم تصويرها في جميع أنحاء المملكة، وبث بعض حلقات برامج ترفيهية أمريكية كبرى من أرض المملكة ومن بينها برنامج “ذا ديلي شو”.
الشراكة تمت بين شركة “إيديمان” وشبكة قناة MTV التليفزيونة، بالإضافة إلى تعاون مؤسسات وهيئات كبرى، وقد جرى اقتراح إشراك مشاهير عالميين مثل بريانكا شوبرا ودي جي ديفيد غوتا في مجلس إدارة الحملة.
بين الفينة والأخرى، يتم الإعلان عن صفقات بين السلطات السعودية وبين شركات ضغط وعلاقات عامة عالمية بقيمة ملايين الريالات السعودي، وذلك من أجل محو الآثار السيئة لجرائم السلطات وانتهاكاتها ضد حقوق الإنسان، أو التغطية على جرائمها المروعة ضد الحريات.
لجأ النظام إلى ما يُسمى بـ “الغسيل الرياضي” من أجل غسيل سمعته، حيث تم استثمار الملايين في نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، وكذلك عبر استضافة بطولات رياضية عالمية كالجولف والفورمولا وان وغيرها، بالإضافة إلى السماح بإقامة الحفلات الغنائية لنجوم عالميين مع رفع الحظر عن الاختلاط بين الجنسين في حضور تلك الفعاليات.
الدولة تسعى بكل أداوتها إلى تحسين صورتها وتصدير صورة مغايرة للواقع، لكن ترضي العالم الغربي وتحوز على إعجابه، بالرغم من ذلك، ترفض رفضاً تاماً اللجوء للحل الأسهل والذي سيوفر عليها الملايين وسيضمن تلميع صورتها بأسرع وقت وبأقل تكلفة: تحسين أوضاع حقوق الإنسان بصورة فعلية!
إننا نؤكد أنه ما من سبيل لتحقيق النظام السعودي غايته في تلميع صورته طالما أن السبب الحقيقي وراء هذه السمعة البالية لا يزال قائماً: حين يتم الإفراج عن معتقلي الرأي من السجون المكتظة بالمعارضين، ويتم رفع حظر السفر عن النشطاء وعائلاتهم، وكذلك حين تتوقف السلطات عن ملاحقة النقاد المنفيين، حين تسمح الدولة للمواطنين باستخدام حقهم في التعبير بحرية عن آرائهم السياسية والاجتماعية، حينها فقط يمكن لهذا النظام أن يبلغ مراده.
مهما أظهر المجتمع الدولي من أنظمة وحكومات استعدادهم لاحتضان النظام السعودي وتقديم الدعم له رغم الجرائم والانتهاكات التي لا ينفك عن القيام بها، ستظل صورته مشوهة أمام الشعوب ومنظمات المجتمع المدني التي ستظل تنقل صوت الضحايا للعالم أجمع.