في وقت سابق من هذا الأسبوع، نشر كاتب العمود البريطاني، الصحفي أوين جونز، مقال في صحيفة الغارديان ينتقد فيه الدور البريطاني في حرب اليمن، ومساعداتها المستمرة للنظام السعودي من خلال توفير الدعم العسكري واللوجستي الذي يستخدم للفتك بالمدنيين هناك.
تستمر الحرب اليمنية منذ قرابة الثماني أعوام، تحديداً منذ عام 2014، لكنها ازدادت ضراوة مع التدخل العسكري عبر تحالف عربي تقوده السعودية بمشاركة الإمارات، ولولا مبيعات الأسلحة الضخمة التي وفرتها عدد من الدول الغربية لدول التحالف، وعلى رأسهم بريطانيا، لما تحولت اليمن اليوم إلى أفقر دولة في العالم تعاني من “أسوأ كارثة إنسانية”.
بالرغم من التقارير الأممية والحقوقية التي تنقل باستمرار الواقع المأساوي الذي يعاني منه اليمنيون، والخسائر الفادحة التي تكبدها المدنيون المحرومون من التغذية والعلاج والتعليم، فضلاً عن نزوح الملايين منهم لفقدان منازلهم في القصف، لا تزال حكومة المملكة المتحدة مستمرة في تصدير الأسلحة للنظام السعودي الذي يستخدمها في شن هجمات جوية ضد المنشآت السكنية والحيوية الخاصة بالمدنيين.
تجاهلت الحكومة البريطانية الدعوات والمناشدات المختلفة لوقف التعاون مع النظام السعودي، وقطع الإمدادات العسكرية وتعليق تجارة الأسلحة معه حتى يتم ضمان عدم استخدامها لانتهاك حقوق الإنسان، بل إن وزيرة التجارة ليز تروس بررت استئناف مبيعات الأسلحة مرة أخرى للسعودية في يوليو/تموز2020- بعد تعليقها لفترة – بأن أي ي انتهاكات محتملة للقانون الدولي ارتكبها القوات التي تقودها السعودية لا تشكل نمطًا، بل كانت “حوادث منعزلة”.
في أحدث إحصائية للمفوضية الأممية لشؤون اللاجئين، تبين نزوح 1200 أسرة جراء الصراع في اليمن، خلال أول أسبوعين من العام الجاري 2022، وبحسب ما تم رصده، فإن هؤلاء الأشخاص نزحوا بشكل أساسي من محافظات شبوة (جنوب شرق) ومأرب (وسط) والحديدة (غرب)، ليرتفع بذلك إجمالي عدد النازحين في أرجاء اليمن إلى 4.2 ملايين شخص”، منذ بدء الحرب في مارس/آذار 2015، لافتة إلى أن “هناك احتياجات إنسانية هائلة، فيما التمويل محدود للغاية.
فقدان المأوى ليست المعاناة الوحيدة التي يعاني منها اليمنيون، لكنهم على وشك الموت “حرفياً” من نقص التغذية الأساسية، وبحسب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن نحو 20 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، محذراً من أن عائلات اليمن تواجه حاليا مستويات غير مسبوقة من الجوع، مشيراً أن ثلاث أرباع أطفال اليمن يعانون من سوء التغذية.
بالإضافة إلى ذلك، يعاني اليمن من انهيار اقتصادي ضخم، أثر على مستويات المعيشة وبالتالي تم إرغام الكثير من الأطفال على ترك التعليم والعمل من أجل توفير المال للأسرة، فضلاً عن أنه تم تدمير أغلب المدارس في اليمن، ويعمل الكثير من المعلمين حالياً بدون رواتب.
انهيار البنية التحتية أثر أيضاً على النظام الصحي في اليمن، خاصة مع تدمير المستشفيات، لذلك تنتشر الأوبئة بصورة غير مسبوقة مع صعوبة السيطرة عليها، حتى أن فيروس كورونا لم يكن هو الأشد خطورة هناك.
لم يتراجع أي من أطراف النزاع عن مواصلة الحرب والفتك بالمدنيين، خاصة مع توفر الدعم العسكري اللازم لاستكمال القتال، لذلك تُعد المملكة المتحدة متورطة بصورة مباشرة في كافة الجرائم المرتكبة ضد المدنيين في اليمن، خاصة وأنها لا تشترط على النظام السعودي وقف القتال مقابل التزويد بالأسلحة، وفي المقابل قامت بخفض مساعداتها الإنسانية لليمن بمقدار النصف في عام 2021، في وقت حذر فيه برنامج الغذاء العالمي من عدم تمكنه من توفير الغذاء اللازم لليمنيين بشكل صحيح بسبب نقص التمويل.
إننا نطالب حكومة المملكة المتحدة بوقف تسليح النظام السعودي بالأسلحة الهجومية لما تسببه تلك الأسلحة من دمار وخراب في اليمن، وبسبب الأضرار التي لا حصر لها التي لحقت بالمدنيين هناك بفعل تلك الهجمات التي ترعاها بريطانيا دون تراجع.