تقارير

في الشهر الفضيل… السعودية تنكل بثمان نساء محتجزات داخل سجونها

بدلًا من التحلي بقليل من الرحمة وبعض الإنسانية على الأقل في أيام شهر رمضان المبارك الذي ينتظره المسلمون كل عام للتسامح وتنحية الخلافات جانبًا، تستمر السلطات السعودية في التنكيل بمعتقلي الرأي وحرمانهم من أبسط حقوقهم الأساسية.

مع بداية أيام شهر رمضان الذي وافق 23 مارس/آذار 2023 بدأت ثمان معتقلات سعوديات إضرابًا مفتوحًا عن الطعام احتجاجًا على المعاملة المهينة وظروف الاحتجاز القاسية التي لا توفر السلطات سواها رغم كافة الاستغاثات والالتماسات التي تُقدم لتحسين أوضاع الاحتجاز وإعطاء المعتقلات حقوقهن المكفولة دوليًا.

معظم هؤلاء النساء أمهات، أي لهن أبناء في الخرج محرومون منهن، وجدن أنفسهن فجأة خلف القضبان بسبب نشر تغريدة أو إعادة تغريد منشور لمعارض أو ناشط حقوقي ينتقد سياسات النظام، كانت هذه الجريمة الكبرى التي لم تعرف السلطات السعودية تسامحًا معها، وسلبت حرية هؤلاء النسوة كعقاب لهن، وحرمت أبنائهن منهم وحرمتهن من حياتهن التي كانت ناجحة جدًا خارج أسوار السجون.

داخل السجن، لا يوجد زيارات عائلية أو مكالمات هاتفية بانتظام إلا بعد توسلات ولا تتم إلا كل فترة طويلة، كما لا توجد رعاية طبية، وعلى النقيض لا توجد سوى ظروف تساعد على انتشار الأمراض والأوبئة، وإضافة إلى ذلك، تُجبر معظم هذه النسوة على البقاء في الحبس الانفرادي الذي تستخدمه السلطات كعقوبة مضاعفة في انتهاك للقانون الدولي الذي يسمح بهذه العقوبة في إطار محدد.

من بين هؤلاء النسوة المضربات عن الطعام الباحثة السعودية وطالبة الدكتوراه في جامعة ليدز طبيبة الأسنان سلمى الشهاب التي تواجه حُكمًا بالسجن لمدة 27 عامًا على خلفية متابعتها عدد من المعارضين على تويتر ونشر تغريدات من حساباتهم وتتوافق مع آرائهم.

اعتقلت الشهاب في يناير/كانون الثاني 2021 أثناء قضائها العطلة في السعودية، وبعد فترة حُكم عليها بالسجن لمدة 6 سنوات، لكن في أغسطس/آب 2022 غُلظت عقوبتها من قبل محكمة الاستئناف وحُكم عليها بالسجن لمدة 34 عامًا وحظر سفر بعد الإفراج عنها لمدة مماثلة، وكان هذا الحكم وقتها هو الأطول في تاريخ السعودية فيما يتعلق بالعقوبات التي تصدر ضد النساء على خلفية هذه الاتهامات.

في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، خُففت عقوبة سلمى إلى 27 سنة مع حظر السفر، وحسب سجلات المحكمة فإن الشهاب اتهمت بأنها كانت “تساعد أولئك الذين يسعون إلى إثارة الاضطرابات العامة وزعزعة الأمن المدني والوطني عبر متابعة حساباتهم على تويتر وإعادة نشر تغريداتهم”.

الجدير بالذكر أن الشهاب استهدفت مسبقًا من قبل السلطات السعودية عبر تطبيق “كلنا أمن”، وهو تطبيق “مرعب” تتخذه السلطات كذريعة للقبض على المواطنين بعد تلقيها بلاغات من أشخاص -لا تحدد هويتهم- ضد الأهداف باعتبارهم خطراً على الأمن القومي.

تُظهر مراجعة تغريدات وتفاعلات سلمى الشهاب أنها قد تلقت رسالة من شخص يستخدم حسابًا سعوديًا في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 بعد أن نشرت رداً ناقداً على منشور حكومي سعودي بشأن عقد نقل عام جديد.

أخبر المستخدم شهاب أنه أبلغ عنها عبر التطبيق السعودي “كلنا أمن”، ليس من الواضح ما إذا كان المسؤولون السعوديون قد ردوا مباشرة على هذا البلاغ، لكن الأم البالغة من العمر 34 عامًا تم القبض عليها بعد شهرين.

سلمى الشهاب وغيرها من النساء المضربات عن الطعام وغيرهن من مئات معتقلي الرأي في السجون السعودية المختلفة تعرضوا لذات الانتهاكات حين يتعلق الأمر بالمحاكمة، جمعيهم حُرموا من التمثيل القانوني، وفي أحسن الظروف، فإن من يُمكن من توكيل محام لا يُقابل معه إلا داخل قاعة المحكمة، والأكيد أن جميعهم حُقق معهم وانتزعت اعترافاتهم في غير وجود محام وتحت الإكراه والتعذيب.

نشدد على ضرورة التدخل العاجل للجهات المعنية في المجتمع الدولي والأنظمة المختلفة لوضع حد لممارسات النظام السعودية القمعية والجائرة ضد المعارضين، وتشكيل لجنة دولية محايدة لفحص كافة تلك الأحكام وضمان حصول كافة المعتقلين على حقهم في محاكمة عادلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى