في ذكرى مقتله: دروس في النضال والكفاح من حياة خاشقجي
غدًا، الأحد 02 أكتوبر/تشرين الأول ستحل الذكرى الرابعة على مقتل الصحفي السعودي في واشنطن بوست جمال خاشقجي، الذي اغتيل بطريقة وحشية داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في 2018 على يد أشخاص خلصت التحقيقات والتقارير الدولية أنهم مقربون من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
على مدار السنوات الأربع الماضية، حاول النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين سلك السبل المتاحة لتحقيق العدالة لخاشقجي ومحاسبة الجناة والمتورطين في هذه الجريمة البشعة، على الجانب الآخر، بُذلت جهود مضادة من السلطات السعودية لتقويض محاولات الانتصاف والمساءلة، عززها دعم حكومات وأنظمة الدول الذين قرروا التراجع عن مواقفهم الأخلاقية وأعادوا العلاقات مجددًا مع النظام السعودي الذي لم يحاسب القتلة بعد.
في هذا المقال، تستعرض الكاتبة الصحفية كارين عطية من واشنطن بوست حوارها مع الناشطة الفرنسية أنييس كالامار -المقررة الخاصة السابقة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء ومديرة منظمة العفو الدولية حاليًا- يتعلق بجريمة اغتيال خاشقجي التي أجرت الباحثة تحقيقًا دقيقًا وموسعًا حولها حين كانت في الأمم المتحدة.
خُلص تقرير كالامار إلى أن الحكومة السعودية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن مقتل جمال خاشقجي، ودعا بشكل واضح إلى إجراء تحقيق في دور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -الحاكم الفعلي للبلاد- والذي اتهمه تقرير المخابرات الأمريكية بأنه على صلة مباشرة بالجريمة، ورُفعت ضده دعوى قضائية في واشنطن بسبب هذا الدور، لكن وقبل أيام من النظر في الدعوى، عُين رئيسًا لوزراء المملكة، وهو منصب يمكن أن يمنحه “حصانة سيادية” من المحاكمة في هذه القضية.
فيما يلي نص الحوار بين كارين عطية وأنييس كالامار، والذي اخُتصر من المصدر الأصلي ليناسب النشر:
كارين عطية: هذا الوقت من العام غير محبب بالنسبة لي، يُذكرني بالرعب الذي عايشناه بعد الجريمة، والعقبات التي تقابلنا من أجل تحقيق العدالة… محمد بن سلمان يحاول الآن إعادة تأهيل سمعته من جديد، ويبدو أنه نجح في ذلك: قبضة يد مع بايدن وغير ذلك من الدلالات… لا أريد القول بأن جهودنا لم تكن مهمة، لكنها لم تثمر عن تحقيق العدالة حتى الآن…
أنييس كالامار: الجهود التي بُذلت من أجل تحقيق العدالة مهمة طبعًا… مهمة دائمًا لأنها تُذكر بأن جرائم القتل لا تمر هكذا…
بمقتل جمال، العديد من الجهات المهمة أجرت تحقيقات موسعة حول الأمر: السلطات التركية، أنا، صحيفتك، قناة الجزيرة، وعدد من وسائل الإعلام… هذه التحقيقات المهمة للغاية تؤكد أنه في حال فشلنا في تحقيق العدالة الرسمية فإن هؤلاء يمكنهم التدخل… هذه التغطية لم نرها في أي حالة أخرى لصحفيين من قبل، ولا من بعد.
كانت تلك لحظة حاسمة… أصبحنا مدركين جدًا لحقيقة أننا نمتلك القوة، نحن لسنا حكومة، ولسنا شرطة، لكن لدينا القوة لإبقاء القضية دائمًا على الساحة… لدينا القوة للكشف عن التفاصيل الخفية… لدينا القوة لترويع الجناة…
كارين عطية: أريد أن أتأكد من أن الناس يدركون هذا الأمر: عندما كنتِ المقرر الخاص للأمم المتحدة كانت خطواتك كلها نابعة من قناعاتك أنتِ وليس المؤسسة…
كالامار: خياري للعمل في هذه القضية لم يكن منتشرًا داخل الأمم المتحدة، لقد فعلت ذلك لأنه من المهم بالنسبة للأمم المتحدة على الأقل أن تعطي انطباعًا بالمشاركة فيما اتضح أنه، في رأيي، نقطة تحول بالنسبة حماية الصحفيين.
كارين عطية: قُتل جمال في وقت بدأت فيه مخاوف من الاتجاه الجديد” لولي العهد محمد بن سلمان…
كالامار: الوضع يزداد سوءًا الآن… أعتقد أن هذه المخاوف أصبحت حقيقة للأسف… كانت الأشهر الستة الماضية صعبة للغاية بالنسبة للمعارضين في المملكة العربية السعودية، ثم جاءت زيارة بايدن في يوليو/تموز لتزيد الأوضاع سوءً… هذا ما أراده محمد بن سلمان، إنه بحاجة ماسة إلى أن يُعترف به، ويريد أن يكون شخصًا لا تستطيع الولايات المتحدة تجنبه.. لهذا عُين في المنصب الجديد…
كارين عطية: رئيس الوزراء…
كالامار: ستعلن الولايات المتحدة رأيها بشأن حصانة رئيس الدولة أو الحصانة السيادية [في القضية المدنية التي رفعتها خطيبة جمال]، والآن أصبح لمحمد بن سلمان الحق في التمتع بالحصانة السيادية بعد أن أصبح رئيسًا للوزراء… أعتقد أننا عالقون الآن.
كارين عطية: أتذكر أنه بعد صدور تقرير الأمم المتحدة، تعرضتِ لإساءة شديدة ومحاولات تشويه سمعتك وعملك، خاصة من الجانب السعودي… هل تشعرين بالأمان؟ أعتقد أنه كان هناك وقت قال فيه أحد المسؤولين السعوديين إنه …
كالامار: ” لديه من يتولى أمري”… أنا لست ساذجة.. كنت أفكر بالطبع فيما قيل… لكن لم أخاف كثيرًا من هذا التهديد، أعتقد أنه مجرد تهديد لن يرقى للأذى أو للقتل. أنا أعلم أنهم يحملون ضغائنهم لفترة طويلة جدًا. لذلك هذه التهديدات أمر متوقع… هناك الكثير من الهراء الآن على وسائل التواصل الاجتماعي ضدي وضد الآخرين، ولا يمكنك التحكم في كيفية رد فعل الناس.
كارين عطية: أفكر في ذلك كثيرًا أيضًا.
كالامار: كارين، أنتِ شخصية عامة ومشهورة… حاضرة بشدة في المجتمع الأفروأمريكي فيما يتعلق بمكافحة العنصرية… وفي تجربتي فإن بعض أكثر الأشياء شرًا التي توصلت إليها في رحلتي المشابهة كانت مما يسمون بالمحاربين المثقفين.
كارين عطية: هل هناك أي شيء تريدين أن يفكر فيه الناس ويتأملونه في أعقاب قضية جمال؟
كالامار: نعم… التفكير في أهمية بناء الشبكات.
صحيح أن جمال ليس معنا، ولكنه موجود في كل مكان، حتى في المناقشات حول النفط والاقتصاد السعودي، والديمقراطية حول العالم… جمال فكرة موجودة لن تختفي، ولا مفر منها.