في ذكرى وفاته: رحل عبد الله الحامد مع أحلامه الإصلاحية تاركًا البلاد في ظلمات القهر والظلم
يمر هذا الأسبوع ثلاثة أعوام على وفاة الكاتب والمعارض السعودي البارز عبد الله الحامد داخل محبسه في السجون السعودية نتيجة الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة مقر الاحتجاز ضده، عبد الله الحامد الذي كان يُلقب بشيخ الحقوقيين قُتل داخل محبسه بالإهمال الطبي ورحل مع أحلامه الإصلاحية تاركًا البلاد غارقة في ظلمات القهر والظلم والاستبداد.
وفاة الحامد تُعتبر جريمة قتل عمدية تتحمل مسؤوليتها السلطات السعودية في المقام الأول كونها تباطئت في تقديم الإسعاف اللازم له، بل عرضته لظروف بشعة وصعبة ساهمت بصورة رئيسية في تدهور حالته الصحية وبالتالي وفاته.
توفي الحامد مساء الخميس 23 أبريل/نيسان 2020 داخل إحدى المستشفيات السعودية بعد أن نُقل إليها من سجن الحائر في حالة متأخرة، ومكث في المشفى حوالي أسبوعين بعد دخوله في غيبوبة كاملة إثر إصابته بسكتة دماغية داخل السجن الذي لم تتحرك إدارته إلا بعد ساعات من فقدانه الوعي.
اعتقل الحامد في التاسع من مارس/آذار 2013 بعد أن أصدرت المحكمة الجزائية حكمها في “قضية مجموعة حسم”، والذي قضى بسجنه خمس سنوات، كما قضت إكمال ما بقي من حكم سابق صدر ضده في قضية الإصلاحيين الثلاثة -التي اعتقل على إثرها عام 2004٠ ليكون المجموع أحد عشر سنة، كما قررت منعه من السفر خمس سنوات أخرى.
يُعد عبد الله الحامد أبرز الإصلاحيين والمعارضين السعوديين، عُرف بـ “شيخ الحقوقيين” بسبب نشاطه الدائم ومبادراته القوية للإصلاح وترسيخ قواعد الديموقراطية في الحكم، ولسعيه نحو تحويل السعودية إلى ملكية دستورية، الأمر الذي يرفضه النظام الذي يريدها “ملكية مطلقة”- كما صرح ولي العهد السعودي قبل أشهر في حواره مع مجلة أمريكية.
الحامد هو مفكر وناشط ومعارض سعودي حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة الأزهر وأحد مؤسسي لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية وجمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم)، كما شارك الحامد في بداية تسعينيات القران الماضي في إنشاء لجنة حقوق الإنسان وفصل على إثر ذلك من الجامعة.
على مدار حياته، تعرض الحامد للاعتقال لدوافع سياسية ست مرات، آخرهم كانت في مارس/آذار 2013، بصفته أحد مؤسسي “جمعية الحقوق المدنية والسياسيّة” (حسم)، وحُكم عليه بالسجن 11 عاماً في 2014، في محاكمة افتقرت إلى أدنى معايير المحاكمة العادلة، اعتمدت فيها هيئة المحكمة على تهم فضفاضة وغير محددة، ودون دليل يُذكر، فضلاً عن حرمانه من حقه في التمثيل القانوني.
مثل بقية المعتقلين السياسيين، عانى الحامد من ظروف احتجاز غير آدمية وبالغة السوء، ما تسبب في تدهور حالته الصحية بصورة كبيرة خاصة وأنه كان يناهز السبعين عاماً، وبحاجة إلى ظروف معيشية ورعاية طبية خاصة، لكن السلطات في المملكة رفضت مراعاة كبر سنه أو وضعه الصحي، وأهملت علاجه حتى دخل في غيبوبة كاملة قبل وفاته بأسبوعين.
لم تتحقق العدالة للحامد حتى الآن، إذ لم تحقق السلطات في وفاته، ولم يتم إحالة المسؤولين عنها للمحاكمة، بل على العكس تماماً، حاولت السلطات السعودية الترويج لصورة وهمية عما يحدث في سجن الحائر، إذ نشرت تقارير مصورة من داخله عبر قناة “CBS” الأمريكية، في محاولة لتحسين صورته أو بمعنى أدق تبييض وحشيته الممنهجة ضد المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي.
إننا نُحذر من تكرار ما حدث مع الحامد لبقية المعتقلين السعوديين المحتجزين في ذات الظروف السيئة وغير الآدمية، خاصة في ظل النظام الحالي الذي يتعامل مع المعارضين باعتبارهم أعداء يجب تصفيتهم والتخلص منهم.
ونطالب الأمين العام للأمم المتحدة والمقرر الخاص بالاعتقال التعسفي بالتدخل العاجل لإنقاذ بقية المعتقلين والضغط على السلطات السعودية للإفراج عن كافة معتقلي رأي وضمان حصولهم على كافة حقوقهم القانونية والإنسانية، وتشكيل لجنة عاجلة للتفتيش السجون السعودية ورصد الانتهاكات بداخلها.