قرابة 1000 يوم على اعتقال واختفاء الناشطة السعودية أسماء السبيعي
حتى كتابة هذا التقرير، تكون الناشطة السعودية المعتقلة أسماء السبيعي قد قضت خلف القضبان نحو 940 يومًا دون تهمة رسمية أو سند قانوني واضح، لكن جريمتها المعروفة للجميع هي تمسكها بحقها في التعبير عن رأيها ومطالبتها بوطن ديموقراطي يحصل فيه الجميع، ولاسيما المرأة، على أبسط حقوقهم الإنسانية والمجتمعية.
اعتقلت السبيعي في يونيو/حزيران 2021، وهو عام أسود على حرية الرأي والتعبير في المملكة، إذ شنت خلاله السلطات السعودية حملة اعتقالات مسعورة ضد العشرات من الشباب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير، ومن بينهم عبد الرحمن آل الشيخ، ورينا عبد العزيز، ولينا الشريف، وياسمين الغفيلي، ونجوى الحامد.
لم توجه السلطات لأسماء قائمة اتهامات رسمية في بداية اعتقالها، وعرضتها للاختفاء القسري لأكثر من عام دون السماح لها بالتواصل مع عائلتها أو محاميها، مع رفض تام للإفصاح عن أي معلومة حول ظروف وأسباب اعتقالها لأسرتها، وبعد
أكثر من عام من الاختفاء القسري والاعتقال في ظروف غامضة، ظهرت الناشطة أسماء السبيعي من داخل سجن الحائر كنزيلة تشارك في فعاليات تُلمع صورة النظام السعودي وتمدح في سياساته، ثم اختفت مرة أخرى.
الفعاليات المُشار إليها كانت في يونيو/حزيران 2022، احتفت خلالها وسائل الإعلام السعودية -الرسمية والخاصة- بفعاليات ما يُعرف بـ مهرجان “أجنحة برامج إدارة الوقت” الخاص بنزلاء السجون، والتي يحاول النظام من خلاله تلميع سمعته، وتبييض صورة القاتمة التي يعرفها العالم عن أوضاع الاحتجاز في المملكة.
تم بث تقارير مصورة من داخل السجون، عبارة عن جولات للتعرف على أجنحة السجن والأنشطة التي تُقام بداخله، للرجال والنساء، كما اشتمل المهرجان على فعاليات مختلفة شارك فيها المعتقلين وذويهم، كما تم تنظيم عروض غنائية شارك فيها معتقلات “سياسات” تعرضن للاختفاء القسري لفترة.
المهرجان الذي أشرف على تنظيمه جهاز أمن الدولة -سيء السمعة- ضم أنشطة لنزلاء السجون التابعة لها مثل سجن الحائر في الرياض، سجن الطرفية في القصيم، لتكون نسخة جديدة من مهرجانات سابقة نُظمت في سجون أبها والدمام وذهبان بجدة.
المهرجان وبشكل واضح وصريح كان عبارة عن تبييض مباشر وعلني لفضائح النظام وجرائمه المرتكبة داخل تلك السجون ضد معتقلي الرأي والمعارضين من الرجال والنساء على حد سواء، وبدلاً من أن يصلح النظام صورته بإحداث إصلاحات حقيقية وتغيرات جذرية تبدأ بإطلاق سراح المعتقلين تعسفياً، قام النظام بإجبار المعتقلين السياسيين -تحت الضغط والتهديد- للمشاركة في تلك الفعاليات والإدلاء بتصريحات تؤكد تواجدهم في ظروف احتجاز مثالية، بل وأفضل مما هو عليه الواقع خارج السجون.
هذا الأسلوب الرخيص الذي لجأ إليه النظام لا يُفهم منه إلا أن المعتقلين السياسيين في المملكة يتعرضون لحملات إذلال ممنهجة، ويعيشون في قهر منقطع النظير، إذ يُجبرون على مديح معاناتهم، وتلميع أوضاع احتجازهم، والدعاء للجلادين.
الجدير بالذكر أن أسماء السبيعي شوهدت للمرة الأولى منذ اعتقالها خلال هذا المهرجان، وكانت هي المرة الأخيرة أيضًا، إذ عرضتها السلطات للإخفاء القسري مجددًا، وحتى هذه اللحظة لا تعرف عائلتها معلومات رسمية عن ظروف وأسباب ومكان احتجازها.
تهيب منظمة معًا من أجل العدالة بالمجتمع الدولي التحرك بفعالية لإنهاء ظاهرة الاختفاء القسري والتعذيب والاحتجاز التعسفي، وتدعو أيضًا إلى إجلاء مصير جميع الأفراد الذين اختفوا قسريًا في المملكة العربية السعودية، مطالبة بمحاسبة الأشخاص المسؤولين عن هذه الانتهاكات أمام القانون المحلي أو الدولي.