صحافة عالمية

لدعمها السعودية عسكريًا… مواطن يمني يحمل الولايات المتحدة مسؤولية مقتل عائلته

ترجمة عن مقال للمواطن اليمني أيمن السنباني في صحيفة الغارديان 

كنت أتوقع أن ليلة حفل زفافي ستكون أكثر الليالي سعادة وفرحة في حياتي، العائلة كلها كانت موجودة، الأجواء كانت ممتلئة بالحب والفرح والسعادة، لكن فجأة اختفت هذه المعالم السعيدة وحل محلها الدمار والهلع والرعب، كل ذلك بسبب الإرهاب الذي استهدف الجمع العائلي وكانت الولايات المتحدة تقف وراء تمويله!

بدأت ليلة 5 أكتوبر/تشرين الأول 2015 بشكل جميل، أنا وشقيقي كنا نستعد لحفل زفافنا على اثنتين من بنات القرى المجاورة، اجتمعنا نحن وعائلاتنا وضيوفنا في منزل عمي الذي جُهز جيدًا لاستقبال هذه المناسبة الجميلة: نُصبت خيام كبيرة، حُضرت الولائم، زُينت الجدران، وصلت العرائس في قافلة من 30 سيارة تزفها بالأبواق والموسيقى مبشرين بوصولهم، كل شيء كان يسير كما خُطط له.

لكن ودون سابق إنذار، اختفت أصوات البهجة في المكان أو بالأحرى أُخفيت بسبب صوت آخر كان أعلى، فوجئنا بصاروخ يخترق المجال الجوي للحفل، وارتطم بالقاعة، تحول لون السماء إلى اللون الأحمر، غبت عن الوعي، وتوقف كل شيء!

حين استعدت وعيي وفتحت عيني كانت المفاجأة غير السعيدة بالمرة، الأهوال كانت في انتظاري، جثث ملقاة في كل مكان، حتى المنزل الذي تجمعت فيه النساء والأطفال لم يسلم من القصف، أُصيب هو أيضًا، تبدل المشهد في ثوان معدودة.

أولئك الذين ما زالوا قادرين على الوقوف بدأوا في الحفر تحت الأنقاض من أجل انقاذ أقاربهم وأحبائهم بالرغم من أن خطر استقبال ضربة أخرى كان يحيط بنا، فوق الأنقاض جثث ملقاة ومصابون يحاولون إنقاذ من يمكن إنقاذه من تحت الأنقاض، وتحت الأنقاض توجد صرخات مخنوقة ليائسين لا يوجد لديهم سوى بقايا أمل أن أحدًا ما قد ينقذهم قبل فوات الأوان.

أمريكا تتحمل جزء من مسؤولية ما حدث، لا مفاجأة في ذلك، المفاجأة أنها لا تزال تمول السعودية التي قد ترتكب هذه الجرائم مرة أخرى في المستقبل، لو كان جو بايدن قد أوفى بوعد حملته الانتخابية كنا على الأقل ضمنا أن هذه الفظائع لن تتكرر

قتل 49 شخصا في ذلك اليوم، نصفهم تقريبا أطفال… وكان من بينهم أكثر من أحبهم في هذا العالم: عروستي جميلة؛ والداي محمد وفايزة، واثنان من اخوتي جمال وعيد، وأصيب ما لا يقل عن 75 آخرين بإصابات بالغة، لكن كل من نجوا بالتأكيد سيحملون ندوبًا أخرى في ذاكرتهم لهذا المشهد… أنا شخصيًا لم أتمكن من العودة إلى الموقع منذ ذلك الحين… لا أريد أن أتذكر ما حدث في ذلك اليوم.

كان هذا الهجوم مجرد واحد من آلاف التفجيرات العشوائية التي نفذتها السعودية والإمارات على الشعب اليمني منذ سبتمبر/أيلول 2015 تحت ستار وقف المتمردين الحوثيين، لكن بدلًا من قتال الحوثيين، استهدفت هذه الاعتداءات بانتظام المدنيين الأبرياء والبنية التحتية التي تعتمد عليها مجتمعاتنا، لا أبالغ، لكن أودت هذه الهجمات بحياة ربع مليون يمني، وبالطبع دُمرت بلادنا تمامًا.

ما يحدث في اليمن صُنف بأنه أسوأ كارثة إنسانية في العالم، والتي لم تكن لتحدث لولا تواطؤ الولايات المتحدة وأكبر مقاوليها الدفاعيين، لوكهيد مارتن ورايثيون وجنرال دايناميكس، لولا هذا الدعم المقدم للسعودية لما وقعت حالة وفاة واحدة.

حين كان مرشحًا رئاسيًا عام 2019، وعد جو بايدن بأنه “سيوقف بيع الأسلحة للسعوديين” وشدد على أنه “يجب محاسبتهم”، وفي إحدى خطاباته الأولى كرئيس، أخبر بايدن وزارة الخارجية الأمريكية أنه سيضع حدًا للدعم الأمريكي للحرب في بلدي اليمن، كانت تصريحًا تُعد تحديًا واضحًا للمسار الذي سلكه أسلافه: أوباما وترامب، لقد بعث الأمل في اليمنيين في كل مكان، وكذلك في المراقبين الدوليين ومنظمات ونشطاء حقوق الإنسان، صدق الجميع أن هذه الأزمة الإنسانية البشعة قد تنتهي.

لكن ما حدث العكس تمامًا، في العامين اللذين أعقبا ذلك الخطاب، وعلى ما يبدو فإن عزيمة بايدن القوية قد تعثرت، بالرغم من أن أعضاء الكونجرس اتخذوا خطوات لوقف أو تقييد توفير الأسلحة للتحالف العسكري بقيادة السعودية، تدخل بايدن وأوقف التصويت على مشروع القانون، وبدلاً من ذلك، دافع عن هدنة هشة مع المملكة العربية السعودية لا يشعر اليمنيون بموجبها بأي ذرة من الحماية.

كانت الولايات المتحدة غائبة بشكل ملحوظ عن الجهود المبذولة لإنهاء الصراع، وحتى الصفقات الأخيرة بين السعودية وإيران لم تلعب الولايات المتحدة أي دور فيها.

رسالتي إلى جو بايدن: يجب أن تفي بوعودك، يجب أن تضع حد لإراقة دماء الشعب اليمني التي لولا مساعدتك للقوات السعودية وتقديم الدعم لها ومساعدتها في الإفلات من العقاب لما كانت سُفكت كل هذه الدماء، وحتى تفي بوعودك بإنهاء مبيعات الأسلحة للسعوديين، فإن الولايات المتحدة وكبار مقاولين الأسلحة فيها متواطئين في جرائم الحرب التي تُرتكب ضد الشعب اليمني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى