صحافة عالمية

مرتزقة العالم الرقمي: كيف سخر النظام السعودي الملايين لاستهداف النشطاء والمعارضين  (٢)

اتجاه المملكة العربية السعودية للاعتماد على خدمات “مرتزقة العالم الرقمي” الأجانب لم يشكل مفاجئة إلى الخبراء والمحللين مثل البروفيسور جيمس فورست الذي أكد أن هذه السياسة أصبحت منهجية لدى الأنظمة المستبدة والديكتاتورية مثل روسيا وليبيا وإيران الذين لجأوا لذات الممارسات من أجل تقوية نفوذهم في الخارج.

“إن إشراك الأمريكيين في حملة مضايقات بقيادة السعودية كان أمرًا منطقي” حسب تصريحات مارك أوين جونز، الأستاذ المشارك في دراسات الشرق الأوسط بجامعة حمد بن خليفة في قطر والذي حلل الهجمات التي استهدفت عويس على الانترنت، وأضاف “من ناحية التضليل، يعد استخدام الذباب الاليكتروني والمتصيدون أمرًا واحدًا، الفرق الوحيد أن استخدام مواطنين أمريكيين حقيقيين في هذه الأغراض قد يخلق رأي عام أمريكي يؤيد هذه الأفكار”، لكنه أكد أن هذه الحملة “نُفذت بطريقة سيئة” لذلك لم تؤت ثمارها.

منظمة فوربيدن ستوريز عملت على ملف “مرتزقة العالم الرقمي” لأكثر من ستة أشهر، فحصت الهجمات التي استهدفت الصحفيين وكذلك حملات التأثير التي قادها مؤثرين أجانب. التحقيق أُطلق عليه اسم “Story Killers”، وهو عبارة عن تحقيق دولي مشترك حول صناعة المعلومات المضللة العالمية التي تقودها فوربيدن ستوريز مع أكثر من 100 صحفي من 30 منصة إعلامية.

حسب نتائج التحقيق فإن الهجمة التي نُظمت ضد عويس كانت من مواطنين أمريكيين على صلة بكيانات أجنبية، وعلى الرغم من صعوبة تحديد الجهات الحقيقية الممولة لهذه الحملات، تمكن الباحثون من تحديد الوسطاء على الأقل، وحسب ما خلصت إليه النتائج فإن فان رايدر حصلت على الأموال من قبل وسيط لبناني تجمعه علاقات بالنظام السعودي.

“بالنسبة لي، لم تكن فان رايدر هي المشكلة الحقيقية… المشكلة الحقيقية تكمن في الأشخاص الذين يدفعون لها مقابل ذلك… لو رفضت فان رايدر فإن آخرون سيقبلوا”… هكذا علقت عويس عنما عرضت عليها النتائج.

من دبي إلى السويد: تمويل حملة تحرش عبر الإنترنت

 في أبريل/نيسان 2019، حضرت فان رايدر عشاءًا فخمًا في نادي الملياردير في فندق من فئة الخمس نجوم مكون من 35 طابقًا في وسط دبي، تناولت العشاء مع الأمير السعودي، وفقًا لشهادة الإيداع وتذاكر الطيران التي حصلت عليها الصحيفة الألمانية Die Zeit المشاركة في التحقيق.

كان من بين الحضور شخص نيابة عن سعود القحطاني مساعد محمد بن سلمان الذي يُزعم أنه أشرف على مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي وقاد جيشًا من المتصيدين على الإنترنت للنظام السعودي؛ واثنين من ممثلي شركة دارك ماتر للأمن السيبراني.

ناقش الأمير السعودي وممثل سعود القحطاني وموظفو دارك ماتر كيفية تشويه سمعة غادة عويس، التي اتهموها بالإساءة إلى محمد بن سلمان، وبناء على طلب الأمير السعودي، اخترقت شركة دارك ماتر هاتف عويس.

أضافت التحقيقات أن الأمير السعودي وفان رايدر ناقشا في اليوم التالي “مشروع إعلامي”، بتمويل خاص منه، وتم إخبار فان رايدر أن رجلاً يدعى جيري ماهر سيتحدث إليها لمناقشة الخطوات التالية.

بين نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ومارس/آذار 2020، حول ماهر أربعة أقساط على الأقل بقيمة 2500 دولار أمريكي إلى فان رايدر، عبر PayPal .

جيري ماهر كان عميلًا قديمًا للسعودية، قبل تكليفه بهذه المهمة كان بالفعل قد كون علاقات قوية مع النخبة والمسؤولين السعوديين.

جيري ماهر، المعروف أيضًا باسم ولادته دانيال أحمد الغوش، مقدم سابق لقناة تلفزيونية سعودية ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة صوت بيروت الدولية، وهي منصة إعلامية لبنانية يقال إنها تشارك مع إمبراطورية إعلامية مملوكة أساسًا للملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال.

يعمل ماهر أيضًا مستشاراً إعلاميًا لبهاء الحريري، ملياردير سعودي لبناني مقرب من النظام السعودي، وكان والده رفيق وشقيقه سعد رئيس وزراء لبنان.

غادر ماهر لبنان عام 2010 واستقر في السويد، حيث منحته السلطات وضعًا محميًا، محجوزًا للأشخاص المعرضين للتهديد لضمان سرية معلوماتهم الشخصية، مثل عنوان منزلهم.

على مدار تلك السنوات، شن ماهر هجمات علنية ضد منتقدي النظام السعودي عبر الإنترنت، وفي عام 2018، عندما قتل عملاء سعوديون جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة في اسطنبول، غرد ماهر بأن من يحققون في الجريمة “سيحترقون في الجحيم”.

وفي يناير/كانون الثاني 2019، هاجم ماهر في تغريدة حصدت أكثر من ألف إعادة تغريد وإعجاب، جيف بيزوس، مؤسس أمازون ومالك الواشنطن بوست، وكتب: “إذا جعلت نفسك عدوًا للمملكة العربية السعودية، فسوف يتم تدميرك وسحقك وستنتهي للأبد.”

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى