مملكة الخوف: الأكاديمي سعود السرحان رهن الاختفاء القسري للشهر السابع على التوالي
ترجمة عن موقع Arab Digest
بالرغم من الشهرة الواسعة التي حصل عليها محمد بن سلمان في مجال التحديث والإصلاح الثقافي وفتح المملكة على القيم الغربية والقفز بها نحو العصور المتقدمة، لا يزال النظام القضائي للبلاد أسيراً لقيم العصور الوسطى، حيث لا عدالة ولا نزاهة ولا شفافية.
ما حدث الأكاديمي السعودي البارز سعودي السرحان أكبر دليل على ازدواجية معايير النظام السعودي ونفاق بن سلمان. حتى مايو/أيار الماضي، كان السرحان يشغل منصب الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وكان يشرف على قسم البحوث بالمركز، قبل أن يتم اعتقاله وإخفائه قسرياً حتى اللحظة على خلفية آرائه السياسية.
السرحان أيضاً هو زميل أبحاث فخري في كلية العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية بجامعة إكستر، وزميل متميز في الشؤون الدولية في المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية العربية، وزميل مشارك في المركز الدولي لدراسة التطرف كينغس كوليدج لندن، مؤلف كتاب “الهدوء السياسي في الإسلام: الممارسة والفكر السني والشيعي”.
في نهاية أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، انقطعت أخبار هذا العالم المتميز، وسقط في هاوية النظام السعودي الذي يرفض أي فكر معارض ويتعامل معه على أنه عدو لدود يجب إقصائه والتخلص منه.
بطبيعة حال، أثار اعتقال السرحان واختفائه قسرياً مخاوف عدة لدى الأصدقاء والزملاء في الغرب، الذين تساورهم شكوك بشكل متزايد حول سلامته وأمنه كونه محتجزاً لدى النظام السعودي المشهور بسمعته السيئة في التعامل مع المعارضين ومعتقلي الرأي.
أصدرت منظمة القسط السعودية لحقوق الإنسان ومقرها لندن بياناً في 7 ديسمبر/كانون الأول قالت فيه إنها علمت من خلال قنوات خاصة أن السلطات السعودية تحتجز السرحان داخل أحد المقار الأمنية -بصورة غير قانونية- وتم تأكيد هذا الخبر في 21 أبريل / نيسان لأراب دايجست، ولم يتم إبداء أسباب احتجازه، كما لم تتحدث أسرته خوفا من انتقام السلطات، ولا يُعرف ما إذا كان قد سُمح له بالاتصال بهم.
وبحسب مصادر حقوقية، فإن اعتقال السرحان جاء بعد نشره مقالاً ينتقد رؤية 2030 الخاصة محمد بن سلمان، وهو ما أثار حفيظة ولي العهد، الزعيم المستبد الذي لا يقبل أي انتقاد.
مقال السرحان كان عن التوجه الاقتصادي والسياسي المستقبلي للمملكة العربية السعودية في عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكيف أنه غيز مطمئن لهذه السياسات التي يتبعها ولي العهد.
وبعد انقطاع لفترة طويلة بسبب اتهامه بقتل خاشقجي، ظهر المستشار السابق لولي العهد، سعود القحطاني، على الساحة السياسية مجدداً، ورافق هذا الظهور صدور الأمر باعتقال السرحان … يمكن أن تستمر حالات الاختفاء لفترة طويلة جداً، مما يثير مخاوف بشأن سلامة الضحايا وحتى حياتهم. أحيانًا يتم الإفراج عن قدر ضئيل من المعلومات بعد فترات طويلة من الاختفاء حول مكان الاحتجاز، لكن تستمر السلطات في حرمان الضحايا من أي اتصال بالعالم الخارجي.
الاختفاء القسري لفترات طويلة هو سياسة متبعة بصورة منهجية من قبل جهاز أمن الدولة السعودي… أولئك الذين يتم القبض عليهم يتعرضون دائماً للتعذيب، ويجبرون على الإدلاء باعترافات كاذبة قبل تقديمهم إلى المحاكمة وإدانتهم بإجراءات موجزة والحكم عليهم بالسجن لفترات طويلة وفي بعض الحالات عقوبة الإعدام.
الوضع الذي يواجهه السرحان يشبه بشكل مقلق حالة عامل الإغاثة الشاب عبد الرحمن السدحان، والذي اختفى في مارس/آذار 2018، ولم تسمع عائلته شيئاً عنه لمدة عامين تقريباً، ثم أخيراً في فبراير/شباط 2020 تلقى والده مكالمة هاتفية منه استمرت دقيقة واحدة…. قالت أخته أريج، وهي مواطنة أمريكية تعيش خارج المملكة، في ذلك الوقت: “يمكن لعائلتي أن تقول من نبرته أنه لا يريد إخافتنا؛ إنه يفكر دائماً في حماية الآخرين… لم تستمر المكالمة طويلاً، سمعنا في الخلفية صوت يقول: لقد انتهت دقيقتك… وانقطع خط الهاتف. “
كانت جريمة عبد الرحمن السدحان هي التغريد بانتقاد نظام محمد بن سلمان عبر هوية مجهولة، والتي توصلت السلطات إلى صاحبها بواسطة جاسوسان يعملان في تويتر وظفتهما لصالح أمن الدولة السعودي، واللذان كشفا هوية السدحان لسعود القحطاني مما أدى إلى اعتقاله.
تعرض السدحان للتعذيب، ومثل أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، واستخدم اعترافه الكاذب في الحكم عليه بالسجن 20 عامًا، يليه حظر سفر لمدة 20 عامًا.