“منتهى الغباء!”… جماعات حقوقية تنتقد زيارة بايدن للسعودية
ترجمة عن صحيفة الجارديان البريطانية
مع الإعلان الرسمي عن زيارة بايدن للمملكة العربية السعودية الشهر القادم، انتقد الكثير من الحقوقيين هذه الخطوة محذرين من عواقبها على ملف حقوق الإنسان في المملكة، مع تصاعد مخاوف من أنها ستعرض المعارضين للخطر وستضفي شرعية على انتهاكات النظام السعودي.
يخشى المدافعون عن حقوق الإنسان أن قرار جو بايدن بزيارة السعودية سيعرض المعارضين المنفيين في الخارج لأخطار مضاعفة، وأن تنظر إليه السلطات هناك على أنه يعطي الضوء الأخضر لتقييد الحريات المدنية محليًا.
قال عبد الله العودة، الباحث في منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن، ونجل رجل الدين المعتقل سلمان العودة: “قبل فوزه بالانتخابات مباشرة، قال بايدن إنه سيحرص على حماية المعارضين السعوديين – تلك كانت كلماته… لن نكون محميين من قبل شخص يصافح نفس الشخص الذي يهددنا كل يوم ويأخذ عائلاتنا كرهائن بسبب نشاطنا هنا في الولايات المتحدة “، واصفاً هذه الزيارة بأنها “خيانة”.
وأضاف العودة “إنها خيانة لي، أنا أتعرض للتهديد كل يوم، إنه يتعاون مع السلطات التي تحاول إعدام والدي، وتمنع عائلتي من السفر… السلطات التي اعتقلت أفراد عائلتي وتقوم بتهديد كل من أعرفهم لمجرد أنهم يعرفونني”.
من جانبها، قالت أغنييس كالامارد، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، إن الإعلان عن هذه الزيارة كان “خيانة لجمال خاشقجي، لليمن، وخيانة لما دافع عنه الحزب الديمقراطي على مدى السنوات الثلاث الماضية”.
سيلتقي الرئيس الأمريكي مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الشهر المقبل، في تراجع مفاجئ عن تعهداته بمحاسبة المملكة العربية السعودية على سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، وتنازلاً عن وعوده “الدائمة” بأن “حقوق الإنسان ستكون مركز سياستنا الخارجية”.
وقالت كالامارد: “إنهم يعودون إلى المسار الذي سلكته أجيال من القادة الأمريكيين سابقاً… إنه لا يسير في مسار جديد، ولا يقدم سياسة خارجية جديدة في وقت نحتاج فيه إلى سياسة جديدة لمواجهة التحديات المختلفة التي نواجهها”.
قال البيت الأبيض إن الرئيس سيسافر إلى المملكة العربية السعودية في يوليو/تموز، بعد عام ونصف من اختياره رفع السرية عن تقرير استخباراتي يفيد بأن محمد بن سلمان وافق على مقتل الصحفي السعودي خاشقجي في اسطنبول عام 2018، وبعد تعهدات بايدن بجعل المملكة “دولة منبوذة” بسبب جريمة القتل.
هذا التغير المفاجئ في موقف بايدن مدفوع بتغيرات سوق النفط العالمي، حيث بلغ متوسط سعر البنزين 5 دولارات (4 جنيهات إسترلينية) للغالون في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وذلك بسبب العقوبات المفروضة على روسيا بعد غزو أوكرانيا، ومن المتوقع أن يطلب بايدن من السعوديين ضخ المزيد من النفط، لكن الخبراء يقولون إن الواقع أكثر تعقيدًا وهذا لا يكفي لخفض الأسعار، مما يترك تساؤلات حول ما يتوقع بايدن تحقيقه من هذه الزيارة.
“إذا كانوا لا يهتمون بحقوق الإنسان والديمقراطية، فما فائدة هذه الزيارة؟” هكذا علق عبد الله العودة، الذي أضاف “أعتقد، بصفتي خبيرا ًفي الشؤون السعودية، أنه لن يتم تحقيق أي نتيجة في هذا المسار على الإطلاق، مما يجعل هذا التصرف منتهى الغباء بصراحة شديدة من وجهة نظر سياسية”.
وأضافت كالامارد: “ليس لدي أدنى شك في أن جو بايدن لن يحصل على أي شيء فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان، وسوف يُنظر إلى الزيارة على أنها انتصار وتأييد كامل للمملكة العربية السعودية”.
وتابعت “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان أول من رحب بمحمد بن سلمان والآن جو بايدن السعي وراء زيادة إنتاج الغاز خيانة لمبادئنا، وتنازل عن قيمنا باسم مصالح ليست لنا، ولا ينبغي أن تكون في مصلحة الدول التي تتبنى مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان… لذلك لن نحصل على شيء… ما سيحصل عليه سيكون ضئيلا للغاية مقارنة بما هو على وشك تقديمه”.
أعدمت السعودية 81 شخصاً في يوم واحد في مارس/آذار، وهو أكبر إعدام جماعي في السنوات الأخيرة، وبحسب الأمم المتحدة فإن نصف الذين لقوا حتفهم اعتقلوا بعد احتجاجات مؤيدة للديمقراطية.
بعد أيام، عندما وصل بوريس جونسون في زيارة رسمية إلى المملكة، تم إعدام ثلاثة رجال آخرين، وبالرغم من أن جونسون قال إنه ناقش ملف حقوق الإنسان مع بن سلمان على هامش حديثه عن ملف الطاقة، فإن الأوضاع لم تشهد أي تحسين.
تم تأكيد زيارة بايدن بعد يوم من صدور قرار محكمة سعودية بتأييد حكم الإعدام بحق عبد الله الحويطي لجرائم مزعومة ارتُكبت في طفولته، على الرغم من صدور مرسوم ملكي بإنهاء مثل هذه الإعدامات.
في هذا السياق، قالت جيد بسيوني -من مجموعة ريبريف- “تم تأكيد الزيارة في اليوم التالي لاعتماد المحاكم السعودية مرة أخرى على اعتراف -ناتج عن التعذيب -طفل يبلغ من العمر 14 عاما… هذا يشير إلى محمد بن سلمان بأنه يمكن أن يرتكب مثل هذه الانتهاكات البشرية المروعة مع ضمان الإفلات من العقاب”.
قالت لينا الهذلول، عضو حزب NAAS المؤيد للديمقراطية في المنفى، إن بايدن يجب يستخدم زيارته للضغط من أجل إطلاق سراح سجناء الرأي، وحماية المعارضين في الخارج.
وأضافت لينا، شقيقة لجين -الناشطة النسوية التي سُجنت حتى العام الماضي وتعرضت للتعذيب- “يجب أن تكون الأولوية للسجناء السياسيين… طلبي هو أنه لا ينبغي إعادة تأهيل محمد بن سلمان، على الأقل ليس بشكل كامل، وألا يتم إضفاء الشرعية على تصرفاته”.
الجدير بالذكر أن لجين الهذلول لا تزال تخضع لحظر السفر مع نشطاء آخرين، ممنوعون من مغادرة المملكة العربية السعودية أو مواصلة عملهم بشكل طبيعي.