تقارير

نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية- آفة القضاء السعودي للقضاء على المعارضين

في العام 2007، أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، والذي يهدف ظاهرياً إلى محاربة الجرائم الاليكترونية ومحاولة الحد من نشوئها بتحديد الجرائم والعقوبات المقررة لكل منها.

نفق مظلم

منذ ذلك الحين، وحرية الرأي والتعبير في المملكة بدأت في الدخول في نفق أكثر من ظلمة من الذي كانت فيه بالفعل، إذ تم التذرع بمواد هذا القانون لإسكات الأفواه المعارضة وقطع الألسنة التي تنطق بما لا يستهوي النظام، والحكومة لديها من الأدوات التي تمكنها من التلاعب بالألفاظ بصورة تُدرج أنشطة هؤلاء المعارضين ضمن ممارسات زعزعة استقرار البلاد والتطاول على ذات الملكية -المقدسة وفقاً للنظام الأساسي للحكم.

ومع تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، وهذا النفق المظلم يزيد اتساعاً وعمقاً، حيث شن تحت مواد هذا القانون حملات اعتقالات تعسفية لم يسبق لها مثيل في المملكة، لم تشمل النشطاء والمدونين والمعارضين وحسب، بل طالت حتى أبناء عمومته وكبار رجال الأعمال والمسؤولين، كلٌ بجريمة مختلفة، فُصلت بجدارة لتتناسب مع مهامه ومسؤولياته وتحت مسمى القانون، الذي لم يخدم حتى الآن سوى النظام ولم يساهم إلا في ترسيخ قواعد الاستبداد بوضع الجميع تحت المراقبة المستمرة.

صدر هذا القانون لحماية المواطنين من شرور بعض مستخدمي الشبكات العنكبوتية الذين يكرسون جهودهم لنشر الفضائح وإلحاق الأذى بالمواطنين، وبحسب وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، فإن القانون يستهدف أي شخص يتورط في “الدخول غير المشروع إلى موقع إليكتروني أو الدخول إلى موقع إليكتروني لتغيير تصاميم هذا الموقع أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله أو شغل عنوانه أو المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا أو ما في حكمها بقصد التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة”.

وعلى الرغم من أنه لا يمكن اتهام السلطات بأنها لا تقوم بالدور المطلوب منها في هذا الخصوص، إلا أن القسم الآخر من الجرائم يتم استغلاله أسوأ استغلال، إذ يُعاقب القانون “مدة لا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسة ملايين ريال أو بإحداهما على كل شخص ينشئ موقعاً لمنظمات إرهابية على الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي أو نشره لتسهيل الاتصال بقيادات تلك المنظمات أو ترويج أفكارها أو نشر كيفية تصنيع المتفجرات”.

سلاح ذو حدين

نظرياً، فرض قانون يجرم تلك الممارسات ويحاربها هو أمر يجب الاحتفاء به، لكن على أرض الواقع، هل من يتم القيض عليهم وتعج بهم السجون الآن متهمين بأنهم قاموا بإنشاء موقع إليكتروني وطلبوا من الجمهور التقدم بطلبات الاشتراك في المنظمة الإرهابية الفلانية، مع تقديم دورات تدريبية إليكترونية لتعلم كيفية صناعة المتفجرات!

بالطبع وبدون تفكير لا.. ليس هذا الذي يحدث. ما يحدث حقاً أن المعتقلين يتم القبض عليهم بعد نشرهم تغريدة تنتقد ممارسة ما للنظام -وهو حق-، أو بعد التدوين حول الرغبة في سن قانون أو إصدار قرار يمنع أمراً ويقر أمراً آخرا، وهذا أيضاً حق، والتعدي عليه هو الجريمة التي يجب أن يُعاقب عليها من يسلبه من المواطنين.

هذه هي لجين الهذلول التي سجنت لمطالبتها بحق المرأة في قيادة السيارات، وهذا هو الداعية الشيخ سلمان العودة الذي سُجن بعد وقت قليل من نشره تغريدة لمح فيها إلى رغبته في مصالحة قطر والسعودية، وهذه أخرى قد سجنت لأنها أظهرت تضامناً مع معتقلة أخرى، وغيرهم الكثير والكثير من مئات المواطنين السعوديين الذين يُلقى القبض عليهم بين الفينة والأخرى بسبب منشور لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، البعض يُفرج عنه بعد الترهيب، والبعض الآخر لا يزال يتجرع كأس الذل نتيجة تجرؤه على ممارسة حقه في التعبير السلمي عن رأيه.

المخزي حقاً، أن مواد هذا القانون لا تراعي ظروف وسن أي معتقل، فكم من القصر دون الثامنة عشر من عمرهم قد تم اعتقالهم بحجة ارتكابهم جرائم تخرق مواد القانون، وإن صح وكان هذا الشباب صغير السن قد اشترك فعلاً في جماعة إرهابية، او اعتنق بعض أفكارها وبدأ في الترويج لها، لماذا لا يتم احتواؤه ومحاولة استيعابه وتقويم أفكاره بالطرق السليمة التي تحافظ على صحته النفسية وتعيد تأهيلها من جديد، بل على العكس، يتم الزج به في السجون لإعطائه ذريعة ومبرر أقوى للمضي قدما هذا الطريق دون تراجع.

العدو الأول للصحفيين

النظام أعطى لنفسه الحق أيضاً بموجب هذا القانون لحذف المحتويات المرئية والمكتوبة والمسموعة للصحفيين والدعاة والمفكرين، بحجة أنها تُشكل خطراً على الأمن العام للبلاد وتزعزع الاستقرار، وهي مصطلحات فضفاضة تحتمل التأويل لأكثر من معنى، يُترك تفسيرها للقائم على الأمر من مسؤول أمني أو قضائي، لذلك فهي تستغل لإلصاق أي تهمة بأي مواطن والعاقبة للمتطاولين على الدولة.

منصات الأفلام لم تسلم أيضاً من هذا القانون، إذ قامت السلطات السعودية في 2019 بالاعتراض على محتوى بُث على منصة نتفليكس لبرنامج “باتريوت آكت (Patriot Act)”، وهو برنامج كوميدي معروف في الولايات المتحدة الأمريكية يقدمه مسلم من أصول هندية، إذ انتقدت الحلقة ينتقد الحياة السياسية لبعض الدول منها السعودية مع الإسقاط على جريمة مقتل خاشجقي.

السلطات اعتبرت هذا المحتوى الساخر خطراً على أمن البلاد، ومسيء للنظام و”ولي الأمر”، ومع ذلك لم نراها تتدخل لتمنع المحتويات المنافية لعادات المجتمع وقيمه والتي تروج لبعض الأشياء التي تناقض أخلاقنا كالمثلية الجنسية والمشاهد الجنسية الصارخة.

مع إصدار هذا القانون، كان من المفترض أن يتم محاربة الإرهابيين والمجرمين الذين ينتهكون حرمات الآخرين، لكن الواقع، أنه أصبح سلاحاً يشهره النظام في وجه الصحفيين والمعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان، رغم أن التدوين والتغريد أكثر طريقة سلمية للتعبير عن الرأي الذي لا يحق للسلطات والحكومات أن تمنعه من الظهور للنور.

اقرأ أيضًا: لا يوجد استقلال للقضاء.. قاضٍ سعودي يكشف لمنظمة DAWN تجاوزات السلطة السعودية في حق القضاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Mostbet è una delle piattaforme di scommesse più conosciute e apprezzate dagli appassionati di gioco d’azzardo online. Fondata diversi anni fa, la società si è rapidamente affermata nel settore grazie a una vasta gamma di opzioni di scommessa, un'interfaccia facile da usare e un'attenzione particolare alla sicurezza dei propri utenti. Che tu sia un principiante o un veterano del settore, Mostbet offre una piattaforma affidabile per piazzare le tue scommesse in modo rapido e sicuro, con un supporto clienti sempre disponibile. Un grande vantaggio di Mostbet è la sua ampia varietà di sport e eventi sui quali è possibile scommettere. Dallo sport più popolare come il calcio, il basket e il tennis, fino agli eventi di nicchia e agli eSport, Mostbet offre ai suoi utenti innumerevoli possibilità. Inoltre, la piattaforma permette anche di seguire in diretta i risultati degli eventi, il che consente agli scommettitori di prendere decisioni informate in tempo reale. Questa caratteristica è particolarmente apprezzata da chi cerca un'esperienza di scommessa dinamica e coinvolgente. Un altro aspetto importante di Mostbet è la generosità dei bonus e delle promozioni offerte agli utenti. Nuovi giocatori possono approfittare di bonus di benvenuto che aumentano il valore dei loro primi depositi, mentre i giocatori regolari possono godere di promozioni settimanali e mensili che premiano la loro fedeltà. La piattaforma inoltre organizza tornei e gare che permettono ai giocatori di competere tra loro per vincere premi in denaro e altri benefici esclusivi. Per ulteriori dettagli su queste offerte e per leggere le opinioni degli utenti, visita il sito e scopri le mostbet recensioni. Infine, Mostbet garantisce un alto livello di sicurezza e trasparenza. La piattaforma è regolamentata da licenze internazionali e utilizza sistemi di criptazione avanzati per proteggere i dati personali e finanziari dei suoi utenti. Le transazioni sono rapide e sicure, e il servizio clienti è disponibile 24/7 per risolvere qualsiasi problema. Tutti questi fattori rendono Mostbet una scelta eccellente per chi cerca un'esperienza di scommessa online affidabile e piacevole.