نيوم وأخواتها: هكذا يحاول النظام السعودي التغطية على جرائمه وانتهاكات حقوق الإنسان
ترجمة عن مقال للكاتب Rowan Moore من صحيفة الغارديان
مدينة نيوم وملحقاتها، مشروع ولي العهد السعودي الأضخم ضمن رؤيته 2030 لتطوير الاقتصاد، حسب دعاية العلاقات العامة والحملات المسوقة لها، فإن المدينة “مكرسة لخلق نمط جديد وفاخر من الحياة العصرية”، لكن الواقع يقول عكس ذلك، ففي الوقت الذي يحاول فيه القائمين على نيوم الترويج بأنها جنة على الأرض، لا يتوقف النظام السعودي عن ارتكاب انتهاكات وجرائم من أجل تمهيد الطريق أمامها، كإجبار قبيلة الحويطات على الهجرة القسرية لبناء نيوم على أراضيهم.
قبل أسابيع قليلة حُكم على ثلاثة من أبناء قبيلة الحويطات بالإعدام، فقط لأنهم احتجوا على الإخلاء القسري لعائلاتهم لإفساح المجال لبناء المدينة، إذ اعتقلوا بصورة تعسفية وتعرضوا لتعذيب وإهانة في السجن، وبعد محاكمة غير عادلة بالمرة حُكم عليهم بالإعدام.
لم يكن هذا كل شيء، أزمة الحويطات بدأت مع الإعلان عن نيوم، إذ داهمت القوات السعودية أراضي قبيلة الحويطات واعتقلت العشرات منهم، كما قتلت أحد أبنائها: عبد الرحيم الحويطي في أبريل/نيسان 2020 حين رفض تنفيذ قرار الإخلاء وقرر البقاء في المنزل.
هذه الجرائم تطرح سؤالًا تقليديًا لكنه مهم: متى سنجد مشروعًا ضخمًا لا تصاحبه جرائم وانتهاكات وتسويق ودعم للطغاة؟!…
يضم مشروع مدينة نيوم عدة مشاريع داخلية، مثل مشروع مدينة “ذا لاين” أو “الخط”، وهي عبارة عن مدينة على هيئة خط سيمتد لمسافة 170 كيلومترًا (105 أميال) أحد طرفيه في البحر الأحمر، مخططة لاستيعاب 9 ملايين شخص.
قال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إن مدينة “ذا لاين” ستكون “ثورة في التخطيط الحضاري تهتم بالإنسان في المقام الأول”، وأطلق عهود بأن هذه المدينة تعتمد بشكل أساسي على “الاستدامة” و “الامتزاج مع الطبيعة”.
تضم نيوم أيضًا مدينة Oxagon، وهي مدينة للصناعات التكنولوجية مبنية على البحر، وكذلك مشروع Trojena ، وهي منطقة جبلية من المقرر أن تُقام فيها دورة الألعاب الشتوية الآسيوية لعام 2029.
المشاكل المحيطة بـ نيوم وأخواتها لا تتعلق فقط بالانتهاكات الجسيمة المصاحبة لها، لكن المشاريع نفسها عبارة عن كذبة، أو بمعنى أكثر دقة، مليئة بالتناقضات.
على سبيل المثال، مدينة “ذا لاين”، كيف أن يكون مثل هذا المشروع الضخم تحقق “الاستدامة” بأي شكل من الأشكال، إذ أنه وفقًا لأحد التقديرات، سينتج عن بنائها فقط أكثر من 1.8 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل أكثر من أربع سنوات من إجمالي انبعاثات المملكة المتحدة!
الحقيقة الواضحة للعيان الآن أن مشروع نيوم ككل ليس إلا أداة للقوة الناعمة التي يستخدمها نظام قمعي ومستبد وقاتل بصورة مروعة، يتم دعمها والترويج لها من قبل الاستشاريين الغربيين مثل Morphosis في كاليفورنيا التي تصمم The Line وشركة Zaha Hadid Architects ومقرها لندن التي تعمل في مشروع Trojena، وكلاهما فائزان بأكبر جائزة في الهندسة المعمارية… السؤال الآن: يمكنهم الحفاظ على سمعتهم في وقت يتعاونون فيه مع نظام لا يعرف إلا العنف والقتل مع النقاد والمعارضين؟
هذه هي الطرق التي تتعاون بها الحكومات والشركات مع الطغاة، وأي مشكك في هذه الحقيقة عليه أن يجيب أولًا على هذه الأسئلة: كيف تساعد صادرات الأسلحة البريطانية في قتل المدنيين في اليمن على سبيل المثال، أو كيف قام الوزراء البريطانيون بخاصة نيل كرومبتون، بتسهيل طريق استحواذ السعودية على نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم.