
تجدد منظمة “معًا من أجل العدالة” قلقها البالغ إزاء استمرار اختفاء المحامي الحقوقي السعودي سلطان العجمي منذ أكثر من خمس سنوات، عقب اعتقاله تعسفيًا في عام 2020 بسبب نشره رثاءً للراحل الدكتور عبد الله الحامد، أحد أبرز دعاة الإصلاح و”شيخ الحقوقيين” في المملكة، الذي تُوفي داخل السجن نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.
في أبريل/نيسان 2020، وبعد وفاة الحامد داخل مستشفى سعودي إثر إصابته بسكتة دماغية داخل سجن الحائر، عبّر عدد من النشطاء والمثقفين عن حزنهم على رحيله، معتبرين أنه رمز للنضال السلمي والإصلاح الدستوري. من بينهم المحامي سلطان العجمي، الذي نشر كلمات نعي عبر حسابه الشخصي، ليتحول ذلك الفعل الإنساني إلى سبب لاعتقاله.
في بدايات شهر رمضان من عام 2020، شنت السلطات السعودية حملة واسعة استهدفت كل من رثى الحامد أو عبّر عن تعاطفه معه، فاعتقلت العجمي إلى جانب الدكتور عبد العزيز الدخيل والكاتب عقل الباهلي وغيرهم. ومنذ ذلك التاريخ، لم يُعرض العجمي على أي جهة قضائية، ولم يُسمح له بالتواصل مع محامٍ أو عائلته، وانقطعت أخباره تمامًا.
وفقًا للمصادر الحقوقية، يعاني العجمي من تدهور خطير في حالته الصحية نتيجة ظروف احتجاز قاسية وإهمال طبي متعمّد. ورغم المناشدات المحلية والدولية المتكررة، تصرّ السلطات على التكتّم الكامل حول مكان وجوده أو وضعه القانوني، في نمط يتكرر مع عشرات النشطاء والحقوقيين الذين يختفون قسريًا داخل السجون السعودية.
تؤكد المنظمة أن استمرار اختفاء العجمي حتى عام 2025 دون توجيه تهم رسمية أو عرضه على القضاء، يمثل جريمة اختفاء قسري مكتملة الأركان، وفقًا لتعريف الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي تُعدّ المملكة طرفًا فيها من حيث الالتزامات الأخلاقية والقانونية.
من رثاء إلى جريمة أمن قومي
حادثة العجمي تكشف مجددًا طبيعة النظام السعودي الذي يجرّم التعبير السلمي ويحوّل الكلمة إلى تهمة. فالمحامي الذي مارس حقه الطبيعي في إبداء الرأي والرثاء، تحول إلى ضحية جديدة في سجل المملكة الحافل بالمعتقلين السياسيين. إن استمرار احتجازه يؤكد أن السلطات لا تزال تعتبر حرية الرأي تهديدًا للأمن الوطني، وتتعامل مع الأصوات المستقلة كأعداء للدولة لا كشركاء في الإصلاح.
في هذا الصدد، تطالب منظمة “معًا من أجل العدالة” بما يلي:
- الكشف الفوري عن مصير المحامي سلطان العجمي والإفراج عنه دون قيد أو شرط.
- تمكينه من التواصل مع عائلته ومحاميه وضمان حصوله على الرعاية الطبية اللازمة.
- فتح تحقيق مستقل وشفاف في ظروف اعتقاله واختفائه ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
- وقف الملاحقات الأمنية بحق النشطاء والإصلاحيين، وضمان احترام حرية الرأي والتعبير وفق ما تنص عليه المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
بعد مرور أكثر من خمس سنوات على اختفاء العجمي، تتلاشى آمال عائلته في معرفة مصيره، بينما تواصل السلطات السعودية سياسة التعتيم والتنكيل بكل صوت حرّ. إن استمرار هذه الجريمة لا يعبّر فقط عن غياب العدالة في المملكة، بل عن نظام يخاف من الكلمة أكثر من الفعل، ويخشى الإصلاح أكثر من الفساد نفسه.
وتؤكد “معًا من أجل العدالة” أن صمت المجتمع الدولي على هذه الممارسات شجّع السلطات السعودية على التمادي في انتهاكاتها، داعيةً إلى تحرك دولي جاد لإنهاء ظاهرة الاختفاء القسري ومحاسبة كل من يقف وراءها.



