ثمان سنوات من الاعتقال التعسفي… خالد المهاوش يدفع ثمن نشاطه الإصلاحي والإنساني

تتابع منظمة “معًا من أجل العدالة” بقلق بالغ استمرار اعتقال العامل الإغاثي والناشط الحقوقي السعودي خالد المهاوش للعام الثامن على التوالي، في واحدة من أبرز صور استهداف النظام السعودي لكل صوت إصلاحي أو ناشط مدني يعمل على تحسين أوضاع المجتمع والدفاع عن حقوق الفقراء والمهمشين.
خالد المهاوش ناشط حقوقي ومرشد تربوي، عمل لسنوات طويلة في جمعية أبناء بريدة الخيرية لرعاية الأيتام، حيث لعب دورًا بارزًا في رعاية الأطفال الأيتام، وضمان حصولهم على الدعم المادي والمعنوي، ومتابعة تحصيلهم العلمي حتى إيجاد فرص عمل لهم بعد التخرج. هذا النشاط الخيري والحقوقي الذي يمس حياة الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، جعل منه صوتًا بارزًا في الدفاع عن الكرامة الإنسانية ورفض الإقصاء والتهميش.
لكن، وفي ظل بيئة سياسية لا تتسامح مع الأصوات المستقلة، أصبح المهاوش هدفًا للسلطات السعودية التي اعتبرته “خطراً على الأمن”، لمجرد مطالبته بتحسين الأوضاع المعيشية للفقراء وتبنيه خطابًا إصلاحيًا تنمويًا.
الانتهاكات الحقوقية:
في سبتمبر/أيلول 2017، وخلال الحملة القمعية الواسعة التي شنتها السلطات السعودية ضد العلماء والدعاة والأكاديميين والنشطاء، اعتُقل المهاوش تعسفيًا دون مذكرة قضائية أو سند قانوني. ومنذ لحظة اعتقاله، تعرض لانتهاكات جسيمة تمثلت في:
- التعذيب النفسي والإهانة الجسدية بهدف كسر إرادته وإذلاله.
- الإخفاء القسري لفترات طويلة ومنع تواصل أسرته معه.
- حرمانه من توكيل محامٍ أو الحصول على محاكمة عادلة وعلنية.
وبعد أربع سنوات من الاحتجاز التعسفي، حُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، يليها منع من السفر لمدة مماثلة بعد انتهاء فترة العقوبة. وفي جلسة سرية تفتقر إلى أبسط معايير الشفافية، أيدت محكمة الاستئناف الحكم ليصبح نهائيًا واجب النفاذ.
خروقات قانونية وحقوقية:
- إن الحكم الصادر ضد خالد المهاوش يفتقد لأي أساس قانوني ويشوبه العديد من الخروقات، أبرزها:
- الاعتقال التعسفي المخالف للمادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تحظر الاعتقال دون تهمة واضحة.
- انتهاك الحق في محاكمة عادلة وفقًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 14)، حيث جرت المحاكمة في سرية، ومنع المهاوش من حقه في الدفاع عن نفسه عبر محامٍ مستقل.
- التجريم على أساس الرأي، حيث لم تستند التهم الموجهة إليه إلى أفعال جنائية حقيقية، بل إلى نشاطه الإصلاحي والإغاثي السلمي.
استمرار احتجاز المهاوش في ظروف سيئة، مع تعرضه للتنكيل النفسي والإهمال الطبي، يزيد من خطورة وضعه ويعرض حياته وسلامته الجسدية للخطر، في ظل توثيق منظمات حقوقية عديدة لتفشي سياسة الإهمال الطبي داخل السجون السعودية كوسيلة إضافية لمعاقبة المعتقلين السياسيين.
إننا في معًا من أجل العدالة نؤكد أن استمرار احتجاز خالد المهاوش يشكل جريمة متواصلة بحق الإنسانية والعدالة، ويعكس استخدام القضاء السعودي كأداة للانتقام السياسي، بدلًا من أن يكون وسيلة لتحقيق العدالة.
وبناءً على ذلك، نطالب بـ:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن خالد المهاوش وكافة معتقلي الرأي في السعودية.
- توفير الرعاية الطبية العاجلة للمهاوش وغيره من المعتقلين الذين يعانون من أوضاع صحية متدهورة.
- وقف سياسة الاعتقال التعسفي التي طالت المئات من النشطاء والأكاديميين والدعاة منذ حملة سبتمبر 2017.
- فتح تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات التي تعرض لها المهاوش وغيره من المعتقلين، وضمان محاسبة المسؤولين عنها.
ثماني سنوات من الاعتقال والتعذيب النفسي والمعاناة الممنهجة كانت كفيلة بكشف زيف شعارات الإصلاح والانفتاح التي يروج لها النظام السعودي. قضية خالد المهاوش اليوم ليست قضية فردية، بل هي انعكاس صارخ لواقع حقوق الإنسان في المملكة، حيث يتحول العمل الخيري والإصلاحي إلى جريمة يعاقب صاحبها بالسجن والقمع.
إن استمرار هذا النهج يضع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية عاجلة للتحرك الفوري والضغط على النظام السعودي لإطلاق سراح خالد المهاوش وكافة معتقلي الرأي، وضمان عدم إفلات الجناة من المساءلة.