أكثر من عامين رهن الإخفاء القسري: محمد مطر الشلوي ضحية جريمة مستمرة في السعودية

يدخل الشاب السعودي محمد مطر الشلوي شهره الثامن والعشرين في عداد المختفين قسريًا منذ اختفائه الكامل عقب عودته إلى المملكة في أبريل/نيسان 2023، وسط تجاهل تام من السلطات السعودية لكافة المناشدات القانونية والحقوقية المطالبة بالكشف عن مصيره.
الإخفاء القسري هو أحد أخطر الانتهاكات الجسيمة للحقوق الأساسية للإنسان، ويُعرّف في القانون الدولي بأنه: “القبض على شخص أو احتجازه أو اختطافه من قبل الدولة أو أشخاص يتصرفون بإذن منها أو بموافقتها أو دعمها، ثم رفض الاعتراف بحرمانه من حريته أو إخفاء مصيره ومكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون.” (المادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري).
ما حدث ويحدث مع الشلوي يندرج بكل وضوح تحت هذا التعريف. فمنذ عودته إلى السعودية قادمًا من أستراليا في 2023، لم يُعلَن عن أي إجراء قانوني بحقه، ولم يُعرَض على أي جهة قضائية، ولم يُسمح لأسرته بالتواصل معه أو معرفة مكان احتجازه أو توكيل محامٍ للدفاع عنه، وهي كلها انتهاكات صريحة للمادة 114 من نظام الإجراءات الجزائية السعودي، التي تنص على ضرورة إحالة المحتجز إلى النيابة العامة خلال 24 ساعة من توقيفه، مع ضمان حقه في التواصل مع أسرته ومحاميه.
محمد مطر الشلوي، خريج قسم الجيولوجيا بجامعة “جيمس كوك” الأسترالية، كان يقيم في أستراليا منذ عام 2019. قبيل مغادرته، سجّل مقطع فيديو صريحًا أبدى فيه خشيته من اعتقاله حال عودته بسبب مواقفه وآرائه السياسية السلمية، وخصوصًا بعد اعتقال شقيقه في المملكة بسبب محادثات خاصة دارت بينهما. بالفعل، نُشر الفيديو لاحقًا بعد انقطاع أخباره، في تأكيد على وقوع ما كان يخشاه. وقد تناولت وسائل إعلام أسترالية وبريطانية قضيته، معربة عن قلق أصدقائه من احتمال تعرّضه للتصفية أو الاحتجاز في ظروف غير قانونية.
إن مواصلة السلطات السعودية تجاهل طلبات الأسرة للكشف عن مصيره، ورفضها الإفصاح عن أي معلومة بشأن وضعه القانوني أو مكاني، يُعدّ جريمة إخفاء قسري مستمرة لا تسقط بالتقادم، بموجب الاتفاقيات الدولية، وتستوجب المساءلة القانونية لكل من شارك فيها أو تستر عليها أو غض الطرف عنها.
كما تُشكل هذه الجريمة انتهاكًا صارخًا للالتزامات الدولية للمملكة، خاصة في ظل عضويتها في مجلس حقوق الإنسان، ومخالفة صريحة لقواعد نيلسون مانديلا النموذجية لمعاملة السجناء، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يكفل الحق في الحرية، وسلامة الجسد، والحق في المحاكمة العادلة.
تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان لعام 2023 أشار إلى قضية الشلوي بوصفها نموذجًا لانتهاك حرية الرأي والتعبير، وتقويض استقلال القضاء داخل السعودية.
نحن في “معًا من أجل العدالة” نُجدد اليوم تسليط الضوء على مأساة الشاب محمد مطر الشلوي، ونؤكد أن النسيان ليس خيارًا، وأن التذكير المستمر بحقه وحقوق جميع المختفين قسريًا هو واجب أخلاقي وقانوني لا يسقط بالتقادم. نطالب بالكشف الفوري عن مصيره، وضمان سلامته، وإطلاق سراحه دون قيد أو شرط، أو محاكمته وفقًا للمعايير الدولية في حال توجيه تهم جنائية واضحة بحقه.
كما نناشد فريق الأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري، والمقررين الخاصين، وكافة آليات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية، بالتدخل الفوري والضغط الجاد على السلطات السعودية لإنهاء هذه الجريمة المستمرة.