القضية الفلسطينية وحقوق الإنسان: متى يتوقف نفاق البيت الأبيض؟
بأشد العبارات تدين “معاً من أجل العدالة” موقف الإدارة الأمريكية الحالية من تصاعد العنف الإسرائيلي على قطاع غزة وتأييدها لممارسات إسرائيل الوحشية ضد المدنيين هناك والذي يعتبرها بايدن “حق مشروع للدفاع عن النفس”.
ووفقاً لبيانين منفصلين أصدرتهما الرئاسة الأمريكية السبت 16 مايو/أيار عن محادثات هاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، شدّد بايدن في محادثاته مع عباس على “ضرورة أن تتوقف حماس عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل”، فيما أكّد لنتانياهو “دعمه القوي لحقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها” بوجه “الهجمات التي تشنّها الحركة الإسلامية” و”غيرها من الفصائل الإرهابية في غزة”- على حد وصفه.
وكان جو بايدن، بعد أيام من الصمت المخز، قد طلب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اتصال هاتفي السبت، هو الأول منذ تولي بايدن الرئاسة، ضرورة أن توقف حركة حماس إطلاق الصواريخ على الدولة العبرية، كما أعرب خلال محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن “قلقه البالغ” إزاء العنف المتصاعد في إسرائيل وقطاع غزة، مع التأكيد على إدانته “الهجمات العشوائية على مدن إسرائيل”.
أعرب بايدن كذلك عن قلقه على أمن الصحافيين وسلامتهم بعدما “نسفت” طائرات إسرائيلية مبنى في غزة يضمّ مكاتب لوكالة “أسوشييتد برس” الأميركية وغيرها من وسائل الإعلام.
بين كل هذه التصريحات وهذا القلق، لم يجد بايدن مكاناً لإدانة ما حدث لأهالي قطاع غزة، وعشرات الأطفال الذين قتلوا إذ وصل عددهم إلى حوالي 39 طفلاً من بين أكثر من 120 قتيلاً جميعهم من المدنيين الذين استهدفت إسرائيل منازلهم وأحيائهم السكنية وتجمعاتهم الحيوية بصورة متعمدة، كما لم يطالب الجانب الإسرائيلي المحتل وقف هذا العنف المتصاعد على المناطق المدنية في القطاع، بل أشاد بتصريحات نتنياهو وردود الأفعال الإسرائيلية الذي اعتبر أنها “دفاع عن النفس”.
تغافل بايدن أيضاً عن الحديث عن مسببات الأزمة الحالية، والتي بدأت بالمحاولات الإسرائيلية لطرد وتهجير بعض عائلات حي الشيخ جراح الفلسطيني وإعطائها للمستوطنين في المقابل، رغم كافة الإدانات الدولية لهذا التصرف، واعتبار المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية من الأساس.
الهجوم على المصلين في المسجد الأقصى المبارك ومحاولات اقتحامه من قبل المستوطنين وشرطة الاحتلال لم يكن أمراً ذو قيمة ضمن اهتمامات بايدن، رغم حق العبادة المكفول للجميع إنسانياً وقانونياً في جميع دول العالم.
إن مواقف جو بايدن، وردود أفعاله، هي ترجمة حرفية لازدواجية المعايير، ففي الوقت الذي يشجب ويدين ما يحدث للإسرائيليين الذين هم الجناة والمعتدين ولم تقع منهم خسائر بذات القيمة التي سقطت في الجانب الفلسطيني، يتجاهل تماماً المجازر والمذابح التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة عمليات التطهير العرقي للفلسطينيين في القدس، بل ويطالب الفلسطينيون -المجني عليهم- بضبط النفس رغم أن ما يفعله الشعب الفلسطيني هو دفاع عن النفس وتصدي لوحشية قوات احتلال غاشمة.
ونؤكد في “معاً من أجل العدالة” إن نفاق البيت الأبيض في التعامل مع القضية الفلسطينية يخلق حصانة دولية لقوات الاحتلال الإسرائيلي ويشجعه على الاستمرار في ارتكاب كل ما يحلو له من انتهاكات وجرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ما يجعل الإدارة الأمريكية متواطئة بصورة أساسية مع جرائم الاحتلال الوحشية، وفي حال لم يتم وضع حد لهذا الدعم غير المشروط فإن مزيداً من الدماء سوف تُسفك، ومزيداً من الأبرياء سوف يدفعون الثمن.
تعليق واحد