تقارير

اللقاح فرصة لجمع البيانات.. هكذا يوظف النظام السعودي الوباء لمزيد من قمع المواطنين

فيما تسعى كافة دول العالم جاهدة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد على أراضيها، فإن عددا من أنظمة الحكم الديكتاتورية تستغل مثل ذلك الحدث الاستثنائي في حياة البشرية ليس لتبييض سمعتها أو مسح صفحتها الملوثة بدماء المعارضين، وإنما تستغلها لفرض مزيد من السيطرة والرقابة على المواطنين، وفي مقدمة هذه النظم، نسخته الأكثر تطرفا في ديكتاتوريتها، القابعة في قصر الحكم بالرياض.

فتحت لافتة مكافحة انتشار فيروس كورونا بالمملكة، أصدرت وزارة الصحة السعودية تعميماً على كل إمارات المناطق بالمملكة لإلزام المواطنين بتحميل تطبيق “توكلنا” للسماح لهم بالدخول إلى المرافق والمنشآت العامة والتنقل بين المدن والمحافظات، ليكون هذا هو التطبيق الثاني المعتمد حكومياً للحد من انتشار الفيروس وتعزيز التزام المواطنين بالإجراءات الاحترازية، بعد إصدار تطبيق “تطمن”، بحيث يصبح هذان التطبيقان بوابة لمخاوف كبيرة تتعلق باستغلال السلطات السعودية هذه الجائحة للتجسس على المواطنين وخاصة المعارضين منهم.

وتمكن هذه التطبيقات الحكومة من رصد حركة المواطنين وأوقات دخولهم الهاتف والبرامج التي يستخدمونها، مع استباحة كافة البيانات من رسائل وصور وموقع وجهات اتصال، وهي معلومات ليس من الآمن أن يعرفها نظام مثل النظام السعودي صاحب سجل غير مشرف في التعامل مع حرية الرأي واحترام الديموقراطية عموماً.

وبحسب خبراء وتقنيون فإن استخدام هذه التطبيقات التي تم تطويرها بواسطة مركز المعلومات الوطني يشكل خطورة عالية على حياة وسلامة المواطنين، إذ يعتبر تفعيل هذه التطبيقات بمثابة إذن مباشر للسلطات بالاطلاع على الحياة الشخصية للمواطنين بمراقبة تحركاتهم وتحليل بياناتهم بصورة قد تسبب لهم ضرراً كبيراً فيما بعد.

انعدام الثقة في نوايا النظام السعودي يعود إلى سابقاتها في ارتكاب انتهاكات مماثلة تتعلق بالتجسس والقرصنة، إذ سبق واتهمت السلطات السعودية باستخدام موظفين بعضهم سعوديين داخل “تويتر” للحصول على معلومات حول نشاط المعارضين بالخارج، كما يُرجح أن استدراج جمال خاشقجي للقنصلية السعودية في إسطنبول وقتله تم بعد اختراق حسابه ومراقبة تحركاته، بالإضافة إلى ذلك، فإن رأس النظام السعودي نفسه متهم بممارسة هذا الانتهاك الجسيم بعد الكشف عن تورطه في اختراق هاتف “جيف بيزوس” مؤسس الأمازون ومالك صحيفة واشنطن بوست.

كما كشفت الغارديان في مارس/آذار الماضي أن النظام السعودي يحاول استغلال ثغرة في شبكة الهواتف المحمولة الدولية لتتبع مواطنيها المتواجدين في الولايات المتحدة بغرض رصد تحركاتهم والتجسس عليهم. وبحسب الصحيفة فإن أحد مصادرها -من هؤلاء الأشخاص الذين تعرضوا لهذه العمليات- أطلعها ملايين طلبات التتبع السرية المرسلة من السعودية، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وهي الطلبات التي تساعد في إظهار الثغرات الأمنية في نظام الرسائل النصية العالمي “إس إس 7”. كما أشارت الصحيفة أن المملكة أرسلت أكثر من مليوني طلب تتبع لمواطنيها في الفترة بين 1 نوفمبر 2019، و1 مارس/ آذار 2020.

يشار إلى أنه لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تثير فيها قرارات حكومية جدلاً واسعاً بين صفوف النشطاء السعوديون، حيث طلبت شركة الاتصالات السعودية الحكومية STC قبل أشهر من العملاء ربط المحفظة الإلكترونية “STC PAY” بتويتر بحجة تقديم خدمات أفضل لعملائها دون مزيد من الإيضاح، وهي خطوة فسرها الناشطون أنها تهدف لإمكانية الوصول لمعلومات الناشطين الحقيقية، وبالتالي تزويد السلطات بها، وهنا تكن الخطورة، فلا يخفى على أحد ما يلاقيه أصحاب الآراء المعارضة من تنكيل وملاحقة واضطهاد.

وبهذا الشأن، ينصح خبراء المواطنين السعوديين باستخدام جهازين (هاتفين) في سبيل الحفاظ على خصوصياتهم وحماية هواتفهم من القرصنة ووقاية بياناتهم الشخصية من أي استخدام غير مشروع من قبل النظام، وذلك عن طريق استخدام هاتف للتطبيقات الحكومية وهاتف آخر للاستخدام الشخصي.

اقرأ أيضاً: محمد العتيبي: أربع سنوات من الظلم داخل السجون السعودية ولا عزاء لحقوق الإنسان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى