محتلون بالوكالة.. كيف وظفت الأنظمة العربية خدماتها لدعم إسرائيل!
لم يكن الكيان الإسرائيلي بحاجة لاحتلال البلدان العربية الأخرى باستثناء فلسطين بعدما وجدت الطريقة الأسهل لفرض هيمنتها على تلك الدول التي تقبع تحت حكم استبدادي متنوع الأشكال، وذلك عبر دعم أنظمة ديكتاتورية فاقدة الشرعية لدى شعوبها، مما يجعل تلك الأنظمة مفتقرة لحليف قذر يوفر لها الحماية، وهو الدور الذي تلعبه إسرائيل ببراعة.
وها هي إسرائيل اليوم تحصد ما زرعته على مدار سنوات، إذا إنه ولأكثر من أسبوع والأجواء لا زالت مشتعلة في جميع أرجاء فلسطين بما فيها غزة خاصة بعد القصف الجوي الإسرائيلي الذي حصد عشرات الأرواح بما فيهم أطفال، فضلاً عن الخسائر البشرية الأخرى، وتدمير المدينة واستهداف الأحياء السكنية والحيوية بصورة مباشرة ومتعمدة.
هذا السعار الإسرائيلي والعنف المتزايد من قبل المستوطنين والقوات الأمنية على حد سواء لا يمكن تفسيره إلا بتيقن الكيان الإسرائيلي من أن عقاباً واحداً لن يُفرض عليهم بسبب استمرارهم في هذه ارتكاب هذه الجرائم البشعة، لديهم إيمان قوي أنه لن يقف أمام وحشيتهم أكثر من عبارات الشجب والتنديد -شديد اللهجة، لكن أن يتم اتخاذ إجراءات رادعة، ومواقف أخلاقية تحفظ لكل نظام يدعي احترامه لحقوق الإنسان ماء وجهه، هذا أمر مُحال- في نظرهم!
ورغب أن شعوب العالم قد اتخذت موقفاً أخلاقياً، ليس بوسعها أكثر منه، أمام ما يحدث للفلسطينيين من انتهاكات وفظاعات على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، فقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بملايين التغريدات والمنشورات الرافضة لجرائم الاحتلال، مع مطالبات بالتوقف ودعوات لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية طالما أن أرباح هذه التجارة تذهب لتسليح جيش محتل لا يخشى في سبيل تحقيق أهدافه الاستيطانية المجرمة لومة لائم.
ومع ذلك، لا يزال تفاعل الأنظمة الدولية مع القضية الفلسطينية مخز، ردود أفعالهم عن حقوق الإنسان التي تنتهك باستمرار في فلسطين وُيرتكب ضدها أبشع الجرائم لم ترق للمستوى المطلوب، عليهم اتخاذ مواقف أكثر جدية تتخطى الشجب واللوم والمطالبات بضبط النفس، وإن أرادوا فالأمر بيدهم.
ورغم أنه بإمكان الدول العربية مقاطعة إسرائيل دبلوماسياً واقتصادياً وعسكرياً والتوقف عن دعمها، في ضوء أن مصلحة الشعوب لا بد أن تكن في مقدمة أجندة كل نظام يحترم واجباته ويقدر حقوق الإنسان، إلا أن ذلك لا يحصل، لأسباب يعلمها الجميع.
الأنظمة العربية المحتمية بالاحتلال، بدا عليها بذل جهود مضاعفة لجهود بقية دول العالم، بينها وبين الشعب الفلسطيني روابط عرقية وبينية وإخوة في العروبة والدم، لا يجب أبداً أن تُمحى باسم مصالح اقتصادية أو أمنية، بل إن الحفاظ على أمن فلسطين اللبنة الأساسية للحفاظ على تماسك الكيانات العربية كلها.
فقبل أربعة أعوام، قامت السعودية والإمارات ومصر والبحرين بمقاطعة قطر دبلوماسياً واقتصادياً وفرضت عليها حصاراً جوياً وبحرياً وبرياً بزعم أنها دولة داعمة للإرهاب وحاضنة للجماعات الإرهابية، لماذا لم تتخذ تلك الدول الموقف ذاته فيما يتعلق بإسرائيل؟ أليس ما ترتكبه القوات الإسرائيلية الآن هو الإرهاب بعينه؟ طرد المئات من منازلهم والاستيلاء عليها، قصف الأحياء السكنية وقتل الأبرياء، الوحشية التي تصاحب عمليات الاعتقال، انتهاك القوانين الدولية الدائم ببناء المستوطنات -التي يعتبرها العالم بؤر خارجة عن القانون- وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتكبة بصفة يومية على يد قوات الاحتلال والمستوطنين، ألا يعتبر هذا كله إرهاب يجب ردعه؟!
بالإضافة إلى ذلك، ألا توجد حقوق للشعب الفلسطيني يجب احترامها؟ ألا يعتبر الشعب الفلسطيني جزءً من المجتمع الدولي والنظام العالمي له ما لبقية شعوب العالم من حقوق مكفولة في المعاهدات والمواثيق، بل ربما له أكثر مما لبقية شعوب العالم كونه شعب يقع تحت احتلال مستمر منذ أكثر من سبعة عقود ونصت القوانين على معاملات خاصة له!
إن استمرار التخاذل الرسمي العالمي للشعب الفلسطيني، والذي بدوره يعطي حصانة لقوات الاحتلال لارتكاب ما يحلو لها، سيتسبب في إراقة دماء لم يشهدها العالم من قبل، وستصبح الأنظمة الدولية شريكة أساسية في هذه الجرائم التي لن تتوقف إلا باتخاذ مواقف جادة وحاسمة وخطوات عملية لردع قوات الاحتلال.
اقرأ أيضًا: أين الأنظمة العالمية من حقوق الإنسان المنتهكة في فلسطين؟
2 تعليقات