اعتقال علي العمري: أعوام من الظلم تتوالى والعالم لا يحرك ساكناً
أعوام الظلم والقهر تتوالى والعالم لا يحرك ساكناً. قبل نحو أربع سنوات، كما نبهنا مراراً، بدأت أسوأ وأشرس حملة قمع شهدتها المملكة العربية السعودية ضد المعارضين السياسيين وأصحاب الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء تيارات الإصلاح والصحوة المجتمعية.
سبتمبر/أيلول 2017 كان بمثابة شهادة وفاة للديموقراطية في المملكة بعد أن أصبح التوجه العام فيها يرفض أي مسارات إصلاحية شعبية أو مطالبات بتطبيق الديموقراطية وتعزيز مبادئها واحترام قيم حقوق الإنسان، بل تم محاربة كل هذه الدعوات والقضاء على أي مظهر أو ملمح يشير إليها، سواء كان موقعاً إليكترونياً، أو حساباً على مواقع التواصل الاجتماعي، أو قناة تليفزيونية مثل قناة “فور شباب” التي كانت تُدار بواسطة الدكتور علي العمري- من أبرز الإصلاحيين في المملكة.
في التاسع من سبتمبر/أيلول 2017 تم اعتقال الدكتور علي العمري بطريقة مهينة، ضمن الحملة القمعية التي تم شنها ضد الإصلاحيين في المملكة، واتهم العمري بالانضمام وتكوين خلية إرهابية والسعي لزعزعة استقرار المملكة، بالرغم من تاريخه المشرف والحافل بالإنجازات فيما يتعلق بالإصلاح المجتمعي والأخذ بيد الشباب نحو التقدم لأجل ازدهار المملكة.
بالرغم من أن اعتقال العمري يُعد انتهاك جسيم وغير قانوني، إلا أن هذا لا يعد الانتهاك الوحيد، جملة من الانتهاكات الوحشية عانى ولا يزال يعاني منها العمري في محبسه في سجون المملكة، في البداية، ظل قيد الحبس الانفرادي والانقطاع التام عن التواصل مع عائلته لمدة 15 شهراً قبل أن يتم نقله إلى الزنازين الجماعية التي لا تقل ظروف الاحتجاز فيها سوء عن ظروف الاحتجاز في العزلة.
طوال الفترة الأولى من اعتقاله، تعرض العمري لأشد أنواع التعذيب الجسدي على أيدي أفراد الأمن السعوديين والسجانين بالضرب والصعق بالكهرباء وإطفاء السجائر في جسده وغيرها من صنوف التعذيب الوحشية، ما تسبب في إصابة عموم جسده بحروق والتهابات وإصابات بالغة السوء.
بعد حوالي عام، بدأت السلطات في محاكمته التي تعد انتهاكاً آخراً يُضاف إلى سلسلة الانتهاكات المستمرة بحقه، إذ منع من حقه في توكيل محامي، كما أن جلسات المحاكمة يشوبها السرية ولا يُسمح لأي حد بمعرفة ما دار فيها أو الاطلاع على الملف القضائي له.
الجدير بالذكر أن النيابة العامة طالبت المحكمة الجزائية المتخصصة في المملكة بتطبيق حد “القتل تعزيراً” ضد العمري بعد أن وجهت ضده أكثر من ثلاثين تهمة، منها تشكيل “منظمة شبابية لتحقيق أهداف تنظيم سري إرهابي داخل المملكة”، بالرغم من أن كافة أنشطته والفعاليات التي أشرف عليها وأدارها لم تكن سرية، بل كان يتم الحصول على كافة التراخيص اللازمة لها.
يُجدد فريق “معاً من أجل العدالة” مطالبته الأنظمة الدولية المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان بالوقوف ضد انتهاكات النظام السعودي واتخاذ إجراءات أكثر عملية لإنقاذ المعتقلين السياسيين والعمل على إطلاق سراح كافة معتقلي الرأي بما فيهم الدكتور علي العمري، وضمان حصولهم على كافة حقوقهم وفتح تحقيقات عاجلة في الانتهاكات التي تعرضوا لها.
ونؤكد أن السماح لأنظمة ديكتاتورية مثل النظام السعودي بالتمدد وترسيخ أركانه لن يؤثر سلباً على السعوديين فقط، بل ستمتد أضراره وانتهاكاته إلى الخارج لتشمل الجميع وما حدث في اليمن خير مثال على هذا، لذلك يجب اتخاذ تدابير حاسمة لردع النظام السعودي ووضع حداً لانتهاكاته وجرائمه ضد حقوق الإنسان.