الرقص على جثث الأبرياء: موسم الرياض يفضح تناقضات النظام السعودي بين الشعارات البراقة والواقع القاتم
تدين منظمة “معاً من أجل العدالة” بأشد العبارات استمرار احتفالات “موسم الرياض” التي تُقام في المملكة العربية السعودية تحت شعارات زائفة من التسامح والانفتاح الثقافي، هذه الاحتفالات، التي تُنفق عليها ملايين الدولارات، تُظهر تناقضات صارخة في سياسات النظام السعودي الذي يدّعي التمسك بالقيم الدينية والاجتماعية بينما يُرحب بفنانين عالميين يدعمون المثلية أو ينتمون إليها، في تحدٍّ واضح لما يُفترض أنه قوانين صارمة تُدين هذه الفئة داخل البلاد.
تناقض بين الشعار والممارسة
تستضيف المملكة على أرضها فنانين عالميين مثل “إيمينيم”، و”ديفيد غيتا” و”دي جي سنيك”، في حين تفتخر بحملها راية الإسلام والمسؤولية عن الأماكن المقدسة في مكة والمدينة. هذا التناقض يُظهر نفاق النظام السعودي الذي يستخدم الدين كأداة لقمع الحريات داخل المملكة، بينما يُروج لنفسه كمنارة للانفتاح على الساحة الدولية.
ما يزيد هذا التناقض حدة هو استخدام النظام لشعارات مثل “احترام الحريات” و”التسامح” في تبرير هذه الأنشطة، بينما يغيب هذا التسامح تماماً عن الداخل السعودي، حيث يعاني مئات معتقلي الرأي من ظروف احتجاز قاسية لمطالبتهم بإصلاحات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. كيف يمكن لنظام يدّعي احترام الحريات أن يسجن من يطالبون بحقوق بسيطة مثل المساواة بين الجنسين أو الديمقراطية، بينما يحتفي علانيةً بفنانين يدافعون عن قضايا تتعارض مع القيم المعلنة؟
البذخ مقابل المأساة
في الوقت الذي تُنفق فيه السعودية ملايين الدولارات على تنظيم فعاليات ترفيهية ضخمة، يعاني مئات الأطفال في غزة من الجوع والتشريد والقصف الإسرائيلي الوحشي، كما تأتي هذه الاحتفالات في وقت حساس للغاية، حيث يُقتل الأبرياء يومياً في قطاع غزة، ويُحرم المرضى من الأدوية، ويُجبر الأطفال على مواجهة الموت والجوع تحت حصار خانق.
المملكة، التي تحتل مكانة رمزية في العالم الإسلامي والعربي، لم تقم بأي دور ملموس لدعم الفلسطينيين أو تخفيف معاناتهم، بل على العكس، تغض الطرف عن الانتهاكات الإسرائيلية وتوجه مواردها نحو بناء صورة زائفة عبر استضافة فنانين عالميين وإقامة مهرجانات صاخبة لا تخدم سوى تلميع صورتها أمام العالم.
استغلال العمالة الوافدة
وراء الكواليس البراقة لموسم الرياض، يوجد كذلك واقع قبيح يتمثل في استغلال آلاف العمال المهاجرين من آسيا وأفريقيا الذين يعملون في ظروف قاسية وغير إنسانية لإعداد هذه الفعاليات، حيث تُجبر هذه الفئة على العمل لساعات طويلة بأجور متدنية، مما يعكس عدم احترام النظام السعودي لأبسط معايير حقوق الإنسان. بينما تتباهى المملكة بتنظيم أكبر الحفلات والمهرجانات، يُداس على حقوق هؤلاء العمال الذين يُعاملون كأدوات لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية للنظام.
النفاق السياسي والإنساني
تأتي هذه الأنشطة في سياق أوسع من محاولات النظام السعودي لتبييض سمعته دولياً عبر “الترفيه” و”الرياضة” و”الثقافة”، بينما يواصل داخلياً قمع الحريات والتضييق على الأصوات المعارضة، هذا النفاق يتجلى في تناقضاته الواضحة؛ فمن جهة يروج لثقافة الانفتاح ويستضيف نجوم الفن والموسيقى العالميين، ومن جهة أخرى يعتقل نشطاء مثل وليد أبو الخير وعبد العزيز العودة وغيرهم لمجرد مطالبتهم بحقوقهم المشروعة.
رسالة للعالم
إننا في منظمة “معاً من أجل العدالة” ندين بشدة هذه السياسات المتناقضة التي تعكس أولويات النظام السعودي، ففي الوقت الذي يسعى فيه لتلميع صورته عالمياً عبر الاحتفالات الباذخة، يواصل تهميش معاناة شعوب المنطقة وقمع مواطنيه.
ندعو المجتمع الدولي إلى تسليط الضوء على هذه التناقضات ومحاسبة النظام السعودي على استغلاله لموارد الدولة في مشاريع تخدم أهدافه السياسية على حساب حقوق الإنسان. كما نطالب كل القوى الحية في العالم العربي والإسلامي بالوقوف ضد هذه السياسات التي تتجاهل القيم الإنسانية لصالح بناء صورة زائفة تخدم النظام فقط.
إن استضافة فعاليات ترفيهية بمليارات الدولارات بينما يُعاني الأبرياء في غزة من ويلات الحرب والجوع ليس سوى رقصة على جثث الضحايا، ومحاولة فاشلة لإخفاء وجه النظام القمعي الذي لا يحترم لا الإنسان ولا الإنسانية.