السعودية- أربع سنوات على اعتقال نجلي رجل المخابرات السابق سعد الجبري

يمر اليوم أربع سنوات على أشهر جريمة ابتزاز وعقاب جماعي ارتكبها النظام السعودي منذ صعود محمد بن سلمان إلى السلطة، إذ اعتقل في مثل هذا اليوم الشابين السعوديين عمر وسارة الجبري نجلي المسؤول الاستخباراتي السابق سعد الجبري، بهدف الضغط على والدهما للعودة إلى السعودية وتسليم نفسه.
بدأت المأساة في يونيو/حزيران 2017، حين منعت السلطات السعودية سارة ابنة الجبري من السفر لإتمام دراستها في الولايات المتحدة، وذلك بعد أيام من عزل الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد الذي كان يعتبر سعد الجبري ذراعه الأيمن، لهذا حرص النظام السعودي على سلك كل السبل لاعتقال الجبري.
رفض عمر السفر دون شقيقته، وظل الأخوين داخل المملكة قسرًا بدعوى “أسباب أمنية” حسب ما قالته سلطات المطار في تفسيرها لمنع سارة من السفر، في تلك الأثناء حاول سعد الجبري التواصل مع النظام السعودي للسماح لنجليه بالسفر، حيث راسل محمد بن سلمان وطلب منه ذلك، بحسب وثائق اطلعت عليها جهات حقوقية وقضائية، لكن بن سلمان اشترط عودة الجبري إلى البلاد مقابل “إنهاء مشكلة عمر وسارة”.
بعد فترة جمدت السلطات أموال الجبري في المملكة، وفي مارس/آذار 2020، فوجئت العائلة باعتقال الشقيقين، واقتيادهما إلى مكان مجهول مع انقطاع تام لأخبارهما حتى يناير/كانون الثاني 2021، أي بعد عشرة أشهر، تعرض خلالها الأخوين إلى عدد من الانتهاكات اتضحت في الحكم السري الذي صدر ضدهم.
في بداية يناير/كانون الثاني 2021، قامت السلطات السعودية بنقل الأخوين من مركز احتجازهما المجهول إلى سجنين مختلفين في الرياض، وسمحت لهما لأول مرة بالاتصال بعائلتهما الموجودة في السعودية، وبحسب أحد أفراد العائلة فإن عمر موجود في سجن الحائر وسارة في سجن الملز، وبالرغم من ذلك لا يزال الشقيقان ممنوعان من الزيارة أو الاتصال مباشرة بأهلهما خارج البلاد.
وبحسب العائلة، فإن الصدفة هي التي قادتهم إلى معرفة بدء جلسات محاكمة الشقيقين، حيث منعتهما السلطات من أي تمثيل قانوني، كما حرمتهما من التواصل مع العائلة، وحُكم عليهما في جلسة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وبعد شهر تقريباً تم تأييد الحكم في جلسة سرية علمت الأسرة بها حين قدم محام يمثل ولي العهد محمد سلمان رد دعوى في الولايات المتحدة رفعها سعد الجبري أمام محكمة فدرالية أمريكي.
وكانت محكمة سعودية قد حكمت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 على عمر وسارة الجبري في محاكمة جائرة بالسجن تسع سنوات ضد عمر، وست سنوات ونصف ضد سارة، بتهمة “غسل الأموال” و ”محاولة الهروب” من السعودية.
وفي 24 ديسمبر/كانون الأول 2020، أيدت محكمة الاستئناف الأحكام الصادرة بحقهما في جلسة سرية في غيابهما، ولم تقدم المحكمة رسمياً للشقيقين ولا للمحامي أو أي من أفراد العائلة صورة من الحكم النهائي وحيثياته أو قرار الاستئناف.
اعتمد الحكم على اعترافات الشقيقين، وهي اعترافات انتزعت منهم في ظروف صعبة وبصورة غير قانونية، إذ لم تتم التحقيقات بحضور محامي، ولم تأخذ المحاكمة مسار العدالة المعروف، بالإضافة إلى أن الاتهامات الموجهة إليهم كانت لوقائع تمت قبل أن يبلغا الثامنة عشر، في انتهاك جديد لأحكام قانون الأحداث لعام 2018، الذي يشمل أحكاماً مخففة للأطفال الذين يزعم أنهم ارتكبوا جرائم أو الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم وهم في سن الطفولة المحدد في القانون.
دورنا نؤكد أن ما تعرض له عمر وسارة هو ابتزاز واضح للعائلة، وشكل من أشكال العقاب الجماعي، وهو نهج يتبعه النظام السعودي للتنكيل بالمعارضين وعائلاتهم، في محاولة للنيل من إرادتهم، وإخراسهم، وإجبارهم للانصياع لأوامره وعدم التغريد خارج سربه.
ونطالب المجتمع الدولي، بكل فئاته، من صحفيين ونشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان، وحكومات وأنظمة، وهيئات أممية، بالتدخل للضغط على السلطات السعودية للإفراج عن عمر وسارة الجبري، والتوقف عن سياسة العقاب الجماعي التي يدفع ثمنها أشخاص لم يختاروا أن يكونوا طرفاً في أي صراع.
ونشدد على ضرورة احترام حق أي إنسان في أن يعبر بحرية عن رأيه، وأن يضمن عدم تعرضه أو تعرض أي من أفراد عائلته أو المقربين منه للأذى حين يمارس حقه المشروع في المعارضة السلمية أو انتقاد أي سياسة من سياسات النظام.