
تتابع منظمة “معًا من أجل العدالة” ببالغ القلق ما كشفه التحقيق الاستقصائي الذي نشره قسم “ذا أثليتك” التابع لصحيفة “نيويورك تايمز”، والذي سلّط الضوء على الوجه الحقيقي لتركي آل الشيخ، المسؤول السعودي البارز ورئيس الهيئة العامة للترفيه، والذي ظهر بوضوح من خلال التحقيق كشخصية متورطة في سلسلة واسعة ومروعة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
لقد وثّق التحقيق، عبر عشرات الشهادات الموثقة، شبكة واسعة من القمع والقهر قادها تركي آل الشيخ بنفسه أو تحت إشرافه المباشر. ففي مشهد يعكس مدى انحدار معايير الحكم والقانون في المملكة، حُوّل سجن الحائر السيء السمعة إلى ما يعرف داخله بـ”جناح توتو”، المخصص لضحايا آل الشيخ من المغردين والمعبرين عن آرائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كل من انتقد آل الشيخ — حتى عبر تغريدة عابرة تتعلق بمباراة كرة قدم أو قرار ترفيهي — وجد نفسه عرضة للاختطاف، الاحتجاز التعسفي، التعذيب، والإخفاء القسري.
وبيّن التحقيق أن تركي آل الشيخ، مستخدمًا نفوذه المباشر داخل أجهزة الدولة، أشرف على عمليات استدعاء قسري، تعرض خلالها منتقدون للضرب والإهانة والإكراه على حذف منشوراتهم تحت التهديد بالسجن أو القتل، وتم رمي بعضهم لاحقًا في طرقات نائية بعد إخضاعهم للإهانة والترويع. كما كشفت الوثائق أن آل الشيخ عرض مبالغ مالية على بعض الضحايا لشراء صمتهم ومنعهم من الحديث عن الانتهاكات التي تعرضوا لها.
ولم تتوقف تجاوزات آل الشيخ عند هذا الحد؛ فقد وثق التحقيق اعتقال أكاديميين مثل الداعية عمر المقبل، ورموز اجتماعية مثل الشيخ فيصل بن سلطان بن حميد، فقط بسبب تعبيرهم عن آراء ثقافية أو نقد بسياسات هيئة الترفيه. إضافة إلى ذلك، أشار التحقيق إلى تورط آل الشيخ في قضايا تتعلق بالاعتداء الجسدي، كما في حالة الفنانة المصرية أمل ماهر، التي اختفت قسرًا عن الساحة لسنوات بعد أن تقدمت بشكوى ضده، وسط حملة ترهيب منظمة طالتها وطالت عائلتها.
الأخطر من ذلك كله، أن آل الشيخ لم يكن مجرد منفذ لانتهاكات معزولة، بل كان جزءًا أصيلًا من بنية القمع التي يديرها النظام السعودي. علاقته الوثيقة بولي العهد محمد بن سلمان، ودوره المركزي في مشاريع الترفيه والدعاية الرياضية، يجعلان منه الواجهة المثالية التي تعكس الجوهر الحقيقي لهذا النظام: القمع، القهر، شراء الذمم، وتكميم الأفواه.
بناءً عليه، تحذر منظمة “معًا من أجل العدالة” جميع المؤسسات الدولية، وخاصة الهيئات الرياضية والفنية والترفيهية، من الاستمرار في التعامل مع تركي آل الشيخ أو مؤسساته، وتؤكد أن أي تعاون معه يمثل تواطؤًا صريحًا مع منظومة قمعية تنتهك أبسط حقوق الإنسان.
إن التطبيع مع هذا الشخص، الذي تلطخت يداه بالخطف والاعتقال والتعذيب والانتهاكات الجسيمة، هو جريمة أخلاقية وقانونية، ومساهمة مباشرة في تبييض سجل النظام السعودي الدموي أمام العالم.
تدعو “معًا من أجل العدالة” جميع الهيئات الرياضية والترفيهية الدولية إلى وقف التعامل مع تركي آل الشيخ، وفتح تحقيقات مستقلة حول انتهاكاته، واتخاذ خطوات جادة لمحاسبته ومحاسبة كل من تورط في تسخير الرياضة والثقافة لتلميع صورة نظام قمعي دموي.
كما تطالب المنظمات الحقوقية الدولية والآليات الأممية بتوثيق هذه الانتهاكات وإدراجها ضمن التقارير الرسمية حول وضع حقوق الإنسان في السعودية.
لقد آن الأوان لفضح المتورطين في القمع مهما حاولوا التخفي خلف الأضواء البراقة للملاكمة والمهرجانات الموسيقية.