
تعرب منظمة معًا من أجل العدالة عن إدانتها الشديدة للحكم الصادر عن السلطات السعودية بسجن المواطن البريطاني أحمد الدوش لمدة عشر سنوات، في واحدة من أكثر المحاكمات عبثية وانتهاكًا لحقوق الإنسان، وذلك على خلفية تغريدة محذوفة نشرها قبل سنوات.
جاء هذا الحكم تزامنًا مع زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة، وكأن النظام السعودي أراد أن يبعث برسالة صريحة إلى العالم مفادها: “نفعل ما نشاء، ولا أحد يجرؤ على محاسبتنا”. هذا الحكم الجائر، وما سبقه من اعتقال تعسفي دام ثمانية أشهر في الحبس الانفرادي، دون تهمة واضحة أو محاكمة عادلة، يكشف عن استخفاف تام بالقانون الدولي، واستغلال وقح لحالة التواطؤ والصمت الدولي، وعلى رأسها الحكومة البريطانية.
لقد جرت جلسة المحاكمة بصورة سرية، دون علم عائلته أو محاميته البريطانية، ولم يُسمح له حتى بتوكيل محامٍ مستقل. واستُخدمت قوانين “مكافحة الإرهاب” كغطاء لمعاقبة التعبير السلمي، رغم أن التهم الموجهة له لم تُفصح عنها الحكومة السعودية حتى الآن. ما حدث ليس حكمًا قضائيًا، بل تصفية سياسية وإدارية لحق إنسان في التعبير.
الأسوأ من ذلك هو خذلان حكومة المملكة المتحدة، فلم تحرك الخارجية البريطانية ساكنًا، واكتفت بزيارة قنصلية واحدة، بل ورفضت تزويد زوجته بأي معلومات بحجة “حماية البيانات”، في حين قبلت تطمينات السلطات السعودية على علاتها، تاركة مواطنها لمصير مجهول في زنزانة قذرة، يعاني فيها من مشاكل صحية ونفسية شديدة، كما ذكرت زوجته في شهادتها المؤلمة.
إن منظمة معًا من أجل العدالة تعتبر أن هذا الحكم جزء من سلسلة منهجية من إسكات الأصوات الناقدة، ليس فقط داخل السعودية، بل حتى من يحملون جنسيات أجنبية إن تجرؤوا على التعبير. استخدام قوانين الإرهاب لمعاقبة منشورات قديمة على مواقع التواصل الاجتماعي هو انحدار خطير لا ينبغي أن يمر بصمت.
وفي ظل هذه التطورات، نؤكد أن الحكم الصادر بحق أحمد الدوش باطل ومبني على محاكمة غير قانونية وغير عادلة، كما نؤكد أن زيارة ترامب الحالية إلى المملكة، وما يتبعها من صفقات وتحالفات، تُعتبر بمثابة الضوء الأخضر لاستمرار القمع والانتهاكات.
وندعو في هذا السياق إلى فتح تحقيق دولي شفاف في ظروف اعتقاله ومحاكمته، ومحاسبة كل من تورط في حرمانه من حريته وحقوقه، ووقف كافة أشكال التطبيع والتعاون السياسي مع النظام السعودي ما لم يتم احترام الحد الأدنى من الحقوق القانونية والإنسانية.
ونطالب الحكومة البريطانية بتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية تجاه مواطنها المعتقل، والتوقف عن الاحتماء بالذرائع البيروقراطية في وجه قضية تمس شرف العدالة وكرامة الإنسان.
إن الصمت على ما يجري بحق أحمد الدوش، وغيره من معتقلي الرأي، لم يعد موقفًا محايدًا، بل هو تواطؤ مباشر مع الجريمة. وإذا استمر هذا المسار، فإننا أمام كارثة حقوقية شاملة تستدعي من المجتمع الدولي أن يتحرك الآن… وليس لاحقًا بعد فوات الأوان.