تتابع منظمة “معًا من أجل العدالة” بقلق بالغ استمرار اعتقال رجل الأعمال والمغرد البارز يوسف الملحم، الذي يدخل عامه الثامن خلف القضبان منذ اعتقاله في سبتمبر/أيلول 2017، فقط بسبب تغريدة دعا فيها للمصالحة بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر.
في التاسع من سبتمبر/أيلول 2017، وبعد الاتصال الهاتفي بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، نشر الملحم تغريدة قال فيها: “بادرة خير وإن شاء الله تنحلّ الأمور بما يكفل مصالح الدول وأمنها واستقرارها”. كانت هذه الكلمات البسيطة تعبيرًا عن أمل في إنهاء الخلافات الخليجية، لكن السلطات السعودية اعتبرتها “تواصلاً مع جهات خارجية لإثارة الفتن”، وهي تهمة ملفقة لتبرير اعتقاله وإسكاته.
منذ لحظة الاعتقال، حُرم الملحم من أبسط حقوقه القانونية، وأُحيل إلى محاكمة سرية في أكتوبر/تشرين الأول 2018 افتقرت إلى كل معايير العدالة، وصدر بحقه حكم جائر بالسجن لسنوات طويلة دون أن يُمكَّن من الدفاع عن نفسه أو توكيل محامٍ.
يوسف الملحم، المعروف بأخلاقه العالية وسجله النظيف في المجالين التجاري والإعلامي، لم يكن خصمًا للنظام أو خطرًا على المجتمع، بل كان داعمًا للاستقرار والوحدة بين دول الخليج. ومع ذلك، وجد نفسه ضحية لحملة قمع واسعة طالت الأصوات الداعية للإصلاح والمصالحة، في تناقض صارخ مع إعلان السلطات السعودية رغبتها في المصالحة خلال قمة العلا في يناير/كانون الثاني 2021.
إن استمرار احتجاز الملحم وغيره من المعتقلين الذين عبّروا عن رغبة في السلام الخليجي يكشف ازدواجية المعايير في سياسات السلطات السعودية، ويؤكد أن حرية التعبير ما زالت غائبة وأن القضاء يُستخدم كأداة للانتقام السياسي.
تعاني أسرة الملحم يوميًا من غيابه، حيث يعيش أطفاله دون معيل، ويتحملون ثمن هذا الاعتقال التعسفي الذي دمّر حياتهم. إن معاناة أسر معتقلي الرأي هي جزء لا يتجزأ من منظومة القمع الممنهج التي تمارسها السلطات.
تجدد منظمة “معًا من أجل العدالة” مطالبتها بالإفراج الفوري وغير المشروط عن يوسف الملحم وجميع معتقلي الرأي، وتؤكد أن استمرار هذه الاعتقالات يمثل انتهاكًا فاضحًا للمعايير الدولية التي تكفل حرية الرأي والتعبير.
كما ندعو الأمم المتحدة، والمنظمات الحقوقية الدولية، والحكومات المؤثرة، إلى التحرك العاجل والضغط الجاد على السلطات السعودية لوقف هذه الانتهاكات والإفراج عن كافة سجناء الرأي. إن احتجاز يوسف الملحم لمجرد تغريدة تدعو للمصالحة هو وصمة عار في سجل المملكة الحقوقي، واعتداء على قيم العدالة والإنسانية.
إن حرية التعبير ليست جريمة، والدعوة إلى السلام ليست خطرًا على الأمن، بل هي أساس الاستقرار الحقيقي. وعلى السلطات السعودية أن تدرك أن استمرار سياسات القمع لن يجلب سوى مزيد من العزلة الدولية والاحتقان الداخلي، وأن الطريق نحو مستقبل آمن ومستقر يبدأ بإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي.



