كندا تخلت عن حقوق الإنسان مقابل المصالح الاقتصادية
بعد مقاطعة دبلوماسية استمرت نحو 5 سنوات تقريبًا بسبب حقوق الإنسان التي لا يتوقف النظام السعودي عن ارتكابها، قررت السلطات الكندية إعادة إحياء العلاقات مع المملكة العربية السعودية بالرغم من أن الانتهاكات الحقوقية لا تزال مستمرة، بل ولم يشهد الملف الحقوقي أي تقدم على الإطلاق.
في بيان رسمي الأربعاء 24 مايو/أيار، أعلن البلدان استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة وإعادة إرسال البعثات الدبلوماسية بصورة كاملة مع تعيين سفراء جدد.
يأتي القرار عقب مناقشات جرت بين رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في بانكوك في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
وحسبما وُرد، فإن القرار المُشار إليه مبني على “رغبة الجانبين في إعادة العلاقات بسبب المصالح المشتركة” لا سيما على المستويين الاقتصادي والتجاري.
البيان الرسمي تجاهل تمامًا الإشارة إلى أوضاع حقوق الإنسان في السعودية أو حتى السبب الرئيسي للخلاف بين الجانبين، والذي بدأ في أغسطس/آب 2018 حين نشرت السفارة الكندية لدى الرياض تغريدة باللغة العربية عبرت فيها عن “قلقها الشديد” حيال موجة جديدة من الاعتقالات طالت ناشطين في مجال حقوق الإنسان في المملكة.
وجاء في التغريدة “نحث السلطات السعودية على الإفراج عنهم وعن وجميع ناشطي حقوق الإنسان المسالمين فورا”، وهو أمر رفضته الخارجية السعودية وطردت السفير الكندي من البلاد في أعقاب ذلك، حيث جاء في بيان “من المؤسف جداً أن يرد في البيان الكندي عبارة الإفراج فوراً وهو أمر مستهجن وغير مقبول في العلاقات بين الدول”، واعتبرت الرياض السفير الكندي “شخصا غير مرغوب فيه” وأمهلته 24 ساعة لمغادرة البلاد.
بعد هذه الواقعة بشهرين جاء مقتل الصحفي جمال خاشقجي على يد عملاء للحكومة السعودية داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وهي جريمة تسببت في موجة غضب عالمية ضد النظام السعودي المتهم الأول في ارتكاب هذه الجريمة البشعة، وقد تمسكت كندا بموقفها المعادي للسعودية بعد اغتيال خاشقجي.
في المقابل، استدعت الرياض سفيرها في كندا للتشاور، احتجاجا على ما اعتبرته تدخلا في شؤونها الداخلية، وفرضت حظر تجاري على كندا، ما تسبب في تفاقم الأزمة الاقتصادية في كندا لترضخ في النهاية لمطالب الرياض وتستعيد علاقتها معها، وما يؤكد ذلك أن الإجراءات التجارية العقابية المفروضة سيتم رفعها بعد إعادة العلاقات، وفقًا لمصدر مطلع بالحكومة الكندية-طلب إخفاء هويته.
تطبيع العلاقات بين الجانبين السعودي والكندي يأتي في وقت يحاول فيه الأمير محمد بن سلمان بكل قوته إعادة تأكيد المملكة العربية السعودية كقوة إقليمية مستغلًا حاجة الدول والحكومات للنفط بعد الأزمة العالمية التي شهدتها أسواقه في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.