صحافة عالمية

مقتل خاشقجي: الولايات المتحدة تحاول تحسين العلاقات مع محمد بن سلمان

قبل أن يصبح رئيساً، تعهد جو بايدن بأنه سيجعل المملكة العربية السعودية “منبوذة” لدورها في جريمة القتل الوحشية للصحفي السعودي جمال خاشقجي، وبعد فوزه بالرئاسة بفترة وجيزة أذن برفع السرية عن تقرير استخباراتي أمريكي أشار بإصبع الشك إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وتحدث عن احتمالية تورطه في الجريمة.

لكن الآن، بعد أقل من ستة أشهر من توليه منصبه، قامت إدارة بايدن باستقبال الأخ الأصغر لمحمد بن سلمان، نائب وزير الدفاع، الأمير خالد بن سلمان، كانت هذه أرفع زيارة سعودية لواشنطن منذ مقتل خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

يقول مايكل ستيفنز، الزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة “كانت هناك جهود متضافرة [داخل دائرة محمد بن سلمان في الديوان الملكي] لإعادة تأهيل صورة محمد بن سلمان والمملكة العربية السعودية على نطاق أوسع”، مضيفاً “تركز المملكة بشكل كبير على الفرص الاقتصادية، بينما تم تخفيف حدة الخطاب الناري [السابق] حول الأمن الإقليمي”.

فهل هذا يعني أن الغرب قد غفر لمحمد بن سلمان؟

لا يمكن الجزم بهذا، على الأقل لم يغفر له بالتأكيد من قبل منظمات حقوق الإنسان أو الأمم المتحدة التي تواصل الدعوة إلى فتح تحقيق مستقل كامل في اغتيال خاشقجي يشمل أقوى رجل في المملكة العربية السعودية، محمد بن سلمان.

سافر 15 مسؤولاً حكومياً سعودياً من الرياض عام 2018 على متن طائرتين حكوميتين إلى اسطنبول حيث انتظروا خاشقجي، أحد المنتقدين البارزين لولي العهد، وبمجرد دخوله القنصلية السعودية استطاعوا النيل منه وخنقوه حتى الموت ثم قاموا بتقطيع جسده وإخفاء رفاته حتى الآن.

الواقع الصعب

الأمير خالد بن سلمان، الذي تم الترحيب به مؤخراً في الولايات المتحدة، كان سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن في فترة مقتل خاشقجي، ورفض في البداية التلميحات القائلة بأن خاشقجي قُتل داخل القنصلية السعودية ووصفها بأنها “خاطئة تماماً ولا أساس لها من الصحة”.

عندما كشفت تركيا للعالم ما حدث من خلال التنصت على القنصلية السعودية، اضطرت القيادة السعودية إلى التراجع، وقالت إن ما حدث “عملية مارقة” قام بها أشخاص من تلقاء أنفسهم، وأدانت في النهاية عدداً من المسؤولين الصغار بعد محاكمة سرية.

من ناحية أخرى، خلُصت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “بمستوى عالٍ من الثقة” إلى أن عملية الاغتيال لم يكن من الممكن تنفيذها دون علم محمد بن سلمان نفسه، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات على أكثر من 70 مسؤولاً سعودياً مرتبطين بانتهاكات حقوق الإنسان، ومنذ مقتل ولي العهد نُبذ علناً من قبل القادة الغربيين.

ومع ذلك، لا تزال معظم الحكومات الغربية تعتبر المملكة العربية السعودية حليفاً حيوياً، ودرعاً ضد التوسع الإيراني، وشريكاً تجارياً مهماً، وعميلاً مربحاً بسبب شرائه الأسلحة، كما لها تأثير في استقرار في سوق النفط.

تقول مصادر مطلعة على ما يحدث في الداخل السعودي، إن هناك فجوة بين الموقف الرسمي للحكومات الغربية، ونأيها العلني عن محمد بن سلمان، وبين الواقع الصعب لعلاقاتها الثنائية مع المملكة، وهذا هو السبب وراء تمكن أقرب أقرباء محمد بن سلمان من دخول أعلى المكاتب في واشنطن الأسبوع الماضي.

مسألة وقت

عقد الأمير خالد بن سلمان على مدار يومين اجتماعات مع وزير الخارجية أنطوني بلينكن، ومستشار الرئيس للأمن القومي جيك سوليفان؛ ووزير الدفاع، لويد أوستن، وورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي.

هذه القائمة وحدها تعطي مؤشرا على الأهمية التي تنظر بها الولايات المتحدة إلى حليفها السعودي، حتى لو لم يكن هناك إعلان مسبق عن زيارة الأمير خالد أو خط سير الرحلة.

طرحت الكثير من الموضوعات للنقاش، بما في ذلك الحرب في اليمن، التي تحاول السعودية انتزاع نفسها منها بعد فشلها في هزيمة الحوثيين المدعومين من إيران، الذين استولوا بشكل غير قانوني على السلطة في عام 2014.

كانت الطاقة وسوق النفط والأمن في القرن الأفريقي والاستئناف المؤقت للاتفاق النووي الإيراني كلها قضايا مطروحة على الطاولة أيضاً، كما تحدثوا عن الوضع في أفغانستان حيث انسحبت القوات الأمريكية منها الآن إلى حد كبير مع وجود مخاوف من أن تؤدي سيطرة طالبان في المستقبل إلى إعادة بناء وجودها السابق.

يقر دبلوماسيون مهتمون بالسعودية بأنها يمكن أن تكون، في بعض الأحيان، دولة يصعب التعامل معها، ومن المحتمل أن تستمر الشكوك في الغرب بشأن التعامل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان طوال حياته.

يقول مايكل ستيفنس من المعهد الملكي للخدمات المتحدة: “ليس الأمر واضحاً بالنسبة لمحمد بن سلمان حتى الآن”، “ستكون هناك حاجة إلى مزيد من الوقت قبل أن تكون الدول الغربية جاهزة تماماً للتعامل معه بصورة طبيعية، مع ذلك فإن الأمور تتحسن، وربما ستكون مسألة وقت فقط قبل أن يتمكن مرة أخرى من زيارة العواصم الغربية”.

ترجمة عن موقع شبكة BBC البريطانية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى