12 عاماً من الاحتجاز التعسفي للناشط السعودي مهند المحيميد

في ظل مزاعم المملكة العربية السعودية بالتحديث والإصلاح تكمن حقيقة قاتمة: نظام يقمع المعارضة بلا رحمة ويسكت أي شخص يفكر في التحدث علانية ضد أي من سياسات وتوجهات الدولة. ومن بين هؤلاء الضحايا، الشاب مهند المحيميد، وهو ناشط سعودي معتقل منذ أكثر من 12 عاماً، ويعد احتجازه بمثابة تذكير صارخ بانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في المملكة، وتؤكد قصته، المليئة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، على الحاجة الملحة إلى العدالة والتدخل الدولي.
اعتقال تعسفي وتهم ملفقة
في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وفي سن الثالثة والعشرين، اعتقلت السلطات السعودية مهند المحيميد بسبب تغريدات نشرها على حسابه الشخصي على تويتر، وقد اعتبر النظام هذه التغريدات، التي انتقدت الحكومة ودعمت النشاط السلمي، تحريضاً ضد الدولة واستهزاءً بالسلطات الحاكمة، ليجد مهند نفسه خلف القضبان، فاقدًا حريته بسلطة القانون، فقط لأنه نشر تغريدات طالب فيها بالديموقراطية في البلاد.
في فبراير/شباط 2014، وبعد أكثر من عام من الاعتقال التعسفي، مثل مهند أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، حيث وجهت إليه النيابة العامة اتهامات جائرة وملفقة: المشاركة في احتجاج سلمي، وعدم احترام السلطات السعودية، والتقاط صور للمظاهرات بقصد التحريض على الاضطرابات الداخلية. هذه الاتهامات التي لا أساس لها كانت مقنعة للمحكمة كي تصدر ضده حكم قاسٍ في 9 أبريل/نيسان 2014: السجن 10 سنوات، تليها حظر سفر لمدة 10 سنوات، وغرامة قدرها 100 ألف ريال سعودي، وإغلاق جميع حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي قسراً.
التعذيب والحبس الانفرادي
لم تنته معاناة مهند بالحكم عليه، فخلال فترة سجنه، تعرض لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحبس الانفرادي لفترات طويلة – وهي ممارسة معترف بها دولياً كشكل من أشكال التعذيب. كما حُرم مهند من الاتصال بعائلته، مما جعلهم في خوف دائم على سلامته، كما ظهرت تقارير تفيد بأن مهند تعرض للتعذيب لرفضه قبول محامٍ معين من قبل الحكومة، واختياره بدلاً من ذلك الدفاع عن نفسه – مما أدى لم إلى مضاعفة سوء المعاملة من قبل إدارة السجن.
لقد امتدت سوء المعاملة إلى ما هو أبعد من التعذيب الجسدي، حيث كشف والد مهند أن أطباء السجن أعطوا ابنه عقاقير مصنفة على أنها مخدرات، مما أثار مخاوف جدية حول ما إذا كانت هذه محاولة متعمدة لمزيد من الأذى له. إن فكرة أن شابًا مسجونًا بسبب نشاطه السلمي يمكن أن يخضع لمثل هذه المعاملة اللاإنسانية تؤكد على عمق الوحشية داخل النظام الجزائي السعودي.
إدانة واسعة النطاق ودعوات للعدالة
كانت منظمة “معًا من أجل العدالة”، في طليعة الجهات الحقوقية التي أدانت السلطات السعودية بسبب معاملتها اللاإنسانية لمهند المحيميد، وقد استنكرت المنظمة فكرة أن شاب في مقتبل العمر قد يُسجن ويُعذب بسبب نشاطه السلمي، وطالبت الحكومة السعودية باحترام حقوق الإنسان الأساسية لمهند، مؤكدة أن استمرار احتجازه ليس مجرد ظلم جسيم بل انتهاك صارخ لقانون حقوق الإنسان الدولي.
12 عاماً من المعاناة
على الرغم من إكماله عقوبة السجن لمدة 10 سنوات، لا يزال مهند المحيميد محتجزاً ظلماً من قبل السلطات السعودية، إن استمرار سجنه، بعد انتهاء المدة التي أصدرتها المحكمة، يسلط الضوء على القمع المستمر والطبيعة التعسفية للنظام السعودي. إن قضية مهند، التي تضمنت سنوات من التعذيب والحبس الانفرادي والحرمان من الحقوق الأساسية، تشكل مثالاً صارخاً على الحملة المستمرة التي تشنها المملكة لإسكات المعارضة، وحقيقة بقائه خلف القضبان حتى بعد قضاء عقوبته كاملة لا تزيد إلا من تعميق الظلم وتعزيز الحاجة الملحة إلى الضغط الدولي لتأمين إطلاق سراحه.
إن قصة مهند المحيميد ليست مجرد قصة رجل واحد – بل هي قصة أمة حيث يمكن أن يؤدي التعبير عن المعارضة إلى أكثر من عقد من السجن والتعذيب، إنها قصة يجب أن تجبرنا جميعًا على التحرك والتحدث ضد الظلم والمطالبة بإنهاء المملكة العربية السعودية لحملتها الوحشية ضد النشطاء السلميين. وإلى أن يتم تحقيق العدالة لمهند وغيره من أمثاله، فإن الوجه الحقيقي للمملكة العربية السعودية سيظل نظامًا قمعيًا يسحق حقوق شعبه تحت وطأة الحكم الاستبدادي.



