“الأفضل أن تتوقف عن الانتقاد”… نصيحة الشرطة البريطانية لرابح العنزي بدلًا من حمايته من تهديدات النظام السعودي

ترجمة عن صحيفة الغارديان
العقيد رابح العنزي، 44 عامًا، كان مسؤولًا كبيرًا في جهاز الأمن السعودي لمدة عقدين، لكنه غادر إلى المملكة المتحدة وطلب اللجوء هناك بعد انفصاله عن العمل بسبب انتهاكات حقوق الإنسان المتزايدة التي يرتكبها النظام السعودي باستمرار.
لقد رفض العنزي الاستمرار في العمل لدى الأجهزة الأمنية السعودية بعد فشله في الابتعاد عن أي مهمة تُرتكب خلالها انتهاكات ضد الإنسانية، ومنذ هروبه خارج المملكة يتلقى العنزي تهديدات بالقتل بصورة شبه يومية من قبل عملاء للنظام السعودي تابعين مباشرة لمحمد بن سلمان.
وصل العنزي، الذي يحمل جواز سفر دبلوماسيًا، إلى لندن في فبراير/شباط، لكنه حياته لا تزال في خطر، وفي حوار مع صحيفة الغارديان قال إنه تلقى ما معدله 50 تهديدا بالقتل أسبوعيا، ويخشى أن يُقتل بنفس الطريقة التي قُتل بها جمال خاشقجي الذي قُتل وقطعت أوصاله داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
حسب العنزي، معظم التهديدات التي يتلقاها عبر تويتر وتيك توك تحذره صراحة من اللحاق بمصير خاشقجي، مضيفًا أن الديوان الملكي السعودي وضع مكافأة قدرها 250 ألف دولار (200 ألف جنيه إسترليني) لمن يتخلص منه.
أبلغ العنزي شرطة العاصمة بهذه التهديدات في نهاية شهر مارس/آذار، وبعد شهر، تلقى بريدًا إلكترونيًا نصحه بعدم الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن بدلاً من ذلك، عليه أن يقلد نمط حياة إدوارد سنودن، وهو متعاقد مع وكالة الأمن القومي الأمريكية الذي سرب ملفات سرية إلى الجارديان قبل 10 سنوات.
وجاء في الرسالة “لقد ناقشنا بالفعل عددًا من طرق الحماية … نموذج الحياة الذي يجب أن تحاكيه هو نموذج إدوارد سنودون، وهو أمر ناقشناه أيضًا… أنا أقدر الموقف الذي أنت فيه، وأنا لا أستخف بالمخاطر التي تتعرض لها “.
من غير الواضح ما الذي قصدته الشرطة، يعيش سنودن في المنفى في روسيا منذ عام 2013، لكنه يظهر على الإنترنت في نقاش عام.
يثير الاقتراح تساؤلات حول موقف الشرطة وفهمها لطالبي اللجوء السياسي، الذين يأتون غالبًا إلى بريطانيا معتقدين أنهم سيكونون أحرارًا في التحدث علانية.
تعليقًا على الرسالة قال العنزي في حواره مع الغارديان: “أرفض أن أسكت… لقد غادرت المملكة العربية السعودية حتى أتمتع بحرية التعبير “.
منذ مغادرته بلاده، كشف العنزي، وهو أحد أعلى المنشقين عن المملكة مرتبة في التاريخ الحديث، عدد من انتهاكات حقوق الإنسان التي قيل له بتنفيذها، بما في ذلك أمر صدر في عام 2020 من قبل وزارة الداخلية السعودية للتنكيل بقبيلة الحويطات في محافظة تبوك التي صدر ضدها قرار بالترحيل القسري لإفساح المجال أمام مشروع مدينة نيوم الذي يتبناه ولي العهد محمد بن سلمان.
رفض العنزي الامتثال للقرار، لكن الحملة ضد الحويطات استمرت وتسببت في مقتل أحد أفرادها واعتقال العشرات بعضهم حكم عليه بالإعدام.
بعد وقت قصير من نشر العنزي هذه التفاصيل على وسائل التواصل الاجتماعي بعد فراره من المملكة، تلقى مكالمة هاتفية تمت دعوته خلالها إلى السفارة السعودية في لندن لمناقشة عرض بقيمة 5 ملايين دولار مقابل صمته، لكن العنزي رفض الذهاب خوفًا من أن يتكرر معه ما حدث مع خاشقجي.
في نفس الوقت تقريبًا، تلقى العنزي تهديدات بالقتل من حساب على تويتر يديره شخص يطلق على نفسه اسم فهد بن سطام، الذي طلب في منشوراته من متابعي الحساب البالغ عددهم 19 ألفًا تعقب العنزي في لندن، كما قدم مواقع تم تحديدها من حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي.
شاهدت صحيفة الغارديان مقطع فيديو يُجبر فيه العنزي على مغادرة مطعم لتسببه في ازعاج الحضور بعد تلقي مكالمة من أحد الزبائن، وقال العنزي إنه تمت ملاحقته بعد ذلك من المطعم.
في البريد الإلكتروني الذي تم استلامه من شرطة العاصمة، تم التأكيد على أن مستخدم تويتر كان يعمل من داخل المملكة العربية السعودية، وأضافت الرسالة “هذا يضعه خارج نطاق القضاء القانوني البريطاني”.
قال العنزي إنه اتبع نصيحة واحدة قدمتها الشرطة لتغيير الفنادق كل بضعة أيام، لكنه لا يزال يشعر بعدم الأمان، وتابع “غادرت هرباً من جنون العظمة والخوف الذي خلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لكنني ما زلت مطاردًا في لندن… أشعر بالوحدة والعزلة، وهذا أثر على صحتي النفسية بشكل كبير “.
تعليقًا على هذه الحالة، قال عبد الله العودة، المدير السعودي لمبادرة الحرية، وهي منظمة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة: “يمثل انشقاق العقيد ربيع حدثًا فريدًا ونادرًا في المملكة العربية السعودية داخل الشرطة وقوات الأمن”.
وتابع لدى الحكومة السعودية تاريخ طويل من القمع العابر للحدود الوطنية، من مضايقة ومطاردة وإسكات وترهيب وحتى اغتيال المعارضين في الخارج – العنزي هو مجرد مثال حديث”.