المخابرات السعودية تضغط على سعد الماضي للتنازل عن جنسيته الأمريكية

كشفت معاملة المملكة العربية السعودية للمواطن المُسن سعد الماضي، البالغ من العمر 74 عامًا والحامل للجنسيتين السعودية والأميركية، عن ممارسة مقلقة تهدف إلى إجبار مزدوجي الجنسية على التخلي عن جنسيتهم الأجنبية. اعتُقل الماضي في عام 2021 أثناء زيارة قصيرة لعائلته في السعودية، في خطوة تُظهر استمرار القمع السعودي لحرية التعبير وتجاهلها الصارخ للمعايير الدولية.
بدأت محنة الماضي بعد أن استهدفته السلطات السعودية بسبب تغريدات نشرها قبل سنوات خلال إقامته في الولايات المتحدة، تضمنت انتقادات لولي العهد محمد بن سلمان وإشارات إلى جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي. هذه التعبيرات السلمية عن الرأي أدت إلى اتهامه بتهم تتعلق بالإرهاب، وحُكم عليه بالسجن لمدة 19 عامًا. وعلى الرغم من إطلاق سراحه بعد أكثر من عام، لا يزال الماضي ممنوعًا من مغادرة المملكة، مما يمنعه من العودة إلى أسرته في ولاية فلوريدا.
وفقًا لتقارير حديثة، تعرض الماضي لضغوط من مسؤولين في جهاز الاستخبارات السعودي للتخلي عن جنسيته الأميركية، وفي نوفمبر 2024، تم استدعاؤه إلى فيلا في الرياض، حيث وُعد برفع حظر السفر إذا تخلّى عن جنسيته الأميركية. وأمام تهديدات وضغوط مستمرة، وقع الماضي على وثائق وتبع التعليمات للتنازل عن جواز سفره الأميركي. ومع ذلك، أكدت السلطات الأميركية أن هذا الإجراء لم يكن طوعيًا ولا قانونيًا، وأن الماضي لا يزال مواطنًا أميركيًا يتمتع بالدعم القنصلي.
تشكل هذه القضية انتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية، حيث تنص المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق كل فرد في الجنسية، وتحظر الحرمان التعسفي منها. كما تنص المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حماية الأفراد من الاحتجاز التعسفي وضمان حرية التنقل. الممارسات السعودية في هذا السياق تعكس تجاهلاً لهذه الالتزامات الدولية وتستهدف تكميم أفواه مزدوجي الجنسية الذين يعبرون عن آرائهم.
محليًا، تنتهك هذه الإجراءات القانون السعودي ذاته، إذ يحظر نظام الإجراءات الجزائية السعودي الاحتجاز التعسفي، ويشدد على أن تكون العقوبات متماشية مع إجراءات قانونية عادلة. ومع ذلك، فإن استمرار فرض حظر السفر على الماضي، إلى جانب التهديدات المستمرة له ولأسرته، يكشف عن إساءة استخدام السلطات القانونية لقمع الأصوات المعارضة وترهيب الأفراد الذين يمارسون حقوقهم الأساسية.
تبرير الحكومة السعودية لهذه الإجراءات، الذي غالبًا ما يأتي تحت مظلة مكافحة الإرهاب والفساد، يفتقر إلى المصداقية، فبدلًا من مواجهة التهديدات الأمنية الحقيقية، تستهدف هذه السياسات الانتقادات السلمية، مما يتناقض مع ادعاءات المملكة بالإصلاح والانفتاح.
تداعيات هذه القضية تتجاوز معاناة سعد الماضي الشخصية. بصفتها حليفًا استراتيجيًا للسعودية، يتوجب على الولايات المتحدة اتخاذ موقف حازم ضد هذه الانتهاكات. إن السكوت عن هذه الممارسات يضر بمصداقية التزامات الولايات المتحدة تجاه حقوق الإنسان، ويخلق سابقة خطيرة يمكن أن تستغلها دول أخرى.
نناشد السلطات السعودية رفع حظر السفر المفروض على سعد الماضي فورًا، ووقف محاولات الضغط على مزدوجي الجنسية للتخلي عن جنسيتهم الأجنبية. كما ندعو الولايات المتحدة إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية لتأمين الإفراج عن مواطنيها وضمان محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة.
قضية سعد الماضي ليست حادثة فردية، بل هي جزء من نمط متكرر يعكس ثقافة القمع السائدة في السعودية. إنها دعوة للمجتمع الدولي للوقوف ضد هذا التآكل المنهجي للحقوق والحريات. لا ينبغي لأي دولة أن تُمنح الحق في استغلال سلطتها لإسكات المعارضة وحرمان الأفراد من كرامتهم الأساسية.