النظام السعودي مستمر في اعتقال الدكتور محمد موسى الشريف تعسفًا منذ أكثر من ثماني سنوات

تعرب منظمة معًا من أجل العدالة عن قلقها البالغ إزاء استمرار احتجاز العالم والداعية والأكاديمي السعودي الدكتور محمد موسى الشريف منذ اعتقاله في سبتمبر/أيلول 2017، في إطار حملة واسعة شنها النظام السعودي ضد العلماء والمفكرين وأصحاب الرأي المستقل. ويُعد استمرار احتجازه، بعد أكثر من ثماني سنوات على اعتقاله، نموذجًا صارخًا على السياسات القمعية التي تنتهجها المملكة لإسكات الأصوات الفكرية والإصلاحية.
اعتُقل الدكتور الشريف ضمن حملة استهدفت مئات من رجال الدين والمثقفين والصحفيين، في وقت كان فيه النظام السعودي يضيّق على أي تعبير عن الرأي أو نشاط إنساني خارج الخط الرسمي. وبعد محاكمة سرية وغير عادلة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، حُكم عليه بالسجن خمس سنوات، قبل أن تقوم محكمة الاستئناف في يناير/كانون الثاني 2023 بتغليظ الحكم بشكل تعسفي إلى ثلاثة عشر عامًا، دون مبررات قانونية أو موضوعية واضحة.
ووفقًا للملفات القضائية، وُجهت إلى الدكتور الشريف أكثر من عشرين تهمة، من بينها “زعزعة استقرار أمن المملكة” و“المشاركة في أنشطة إغاثية داخل وخارج البلاد”، وهي تهم فضفاضة لا تستند إلى أي أساس قانوني، وتشير بوضوح إلى استخدام قوانين مكافحة الإرهاب كسلاح لإسكات النشطاء والعلماء الذين يمارسون حقهم في التعبير أو العمل الإنساني.
أُجريت محاكمته في ظروف تفتقر إلى الشفافية، حُرم خلالها من حقه في الدفاع القانوني، ومن التواصل المنتظم مع محاميه وعائلته. وتشير التقارير الواردة من داخل السجن إلى أن حالته الصحية تدهورت بشكل ملحوظ، في ظل تعمد الإهمال الطبي وغياب الرعاية اللازمة، وهو ما يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يحظر التعذيب ويكفل الحق في المحاكمة العادلة والمعاملة الإنسانية للمحتجزين.
إن استمرار احتجاز الدكتور الشريف، وتغليظ العقوبة الصادرة بحقه، يعكسان نمطًا منهجيًا من القمع القضائي الذي يستهدف العلماء والمفكرين والدعاة، ويُظهر أن السلطة القضائية في المملكة تُستخدم كأداة لإضفاء غطاء قانوني على الانتهاكات السياسية. كما أن حرمانه من حقوقه القانونية والطبية يرقى إلى الاحتجاز التعسفي والمعاملة القاسية واللاإنسانية.
وتؤكد منظمة معًا من أجل العدالة أن الدكتور محمد موسى الشريف هو عالم معروف بمساهماته الفكرية والدينية، وله عشرات المؤلفات في الفكر الإسلامي والتاريخ والسيرة، وكان ناشطًا في الأعمال الإغاثية والخيرية داخل المملكة وخارجها، وهو ما يجعل محاكمته على أساس هذه الأنشطة سابقة خطيرة تمثل إساءة لاستخدام القانون لتجريم العمل الإنساني.
وتدعو المنظمة المجتمع الدولي للضغط على النظام السعودي من أجل الإفراج الفوري وغير المشروط عن الدكتور محمد موسى الشريف، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليه، وضمان حصوله على الرعاية الطبية اللازمة. كما تدعو الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي إلى التدخل العاجل للضغط على الحكومة السعودية من أجل احترام التزاماتها الدولية، وإنهاء ممارسات الاعتقال التعسفي والمحاكمات السرية، وضمان بيئة آمنة لحرية الفكر والتعبير في البلاد.
إن استمرار احتجاز العلماء والمفكرين، ومن بينهم الدكتور محمد موسى الشريف، لا يمثل فقط انتهاكًا صارخًا للعدالة، بل يهدد أيضًا مستقبل الحريات الأكاديمية والفكرية في المملكة، ويقوض أي حديث رسمي عن الإصلاح أو الانفتاح.



