بريدة القصيم تتحول لثكنة عسكرية بعد تظاهرات رافضة للإغلاق
ضاق الحال ذرعا بآلاف الشبان السعوديين بسبب السياسات الاقتصادية التي أدت إلى تفاقم البطالة والفقر في المملكة، وتعالت الأصوات بالخروج في تظاهرات رافضة لرفع الضرائب وفرض الحجر الصحي دون بديل معيشي آمن في بلد البترول وعائلة مليارات الدولارات في قصر الحكم.
وأمام تلك الحالة المتردية، استجاب مئات الشبان في مدينة بريدة بالقصيم وسط المملكة لدعوات التظاهر، وخرجوا متحدين مملكة الخوف وقوات الأمن التي لم تخيب توقعاتهم واعتدت على العشرات منهم واعتقلت آخرين، وما زالت الشوارع تشهد عمليات فر وكر بين المتظاهرين الغاضبين وقوات الأمن.
جاء ذلك في وقت صدرت فيه تعليمات أمنية رفيعة المستوى لأبواق بن سلمان الإعلامية لتجنب الإشارة نهائيا لتظاهرات بريدة، فيما دعا ناشطون لكسر الحصار الإعلامي المفروض على المتظاهرين في بريدة، لـ”تحفظوا أرواح مئات الشبان، الذين كسروا حاجز الخوف وملؤوا الشوارع”، ودعا الناشطون أيضا للتغريدة عبر وسم “#أدعم_تظاهرات_بريدة”.
وقال حساب الرادع السعودي في تغريدة عبر تويتر: “تعليمات أمنية لأبواق بن سلمان الإعلامية لتجنب الإشارة للتظاهرات الغاضبة التي تشهدها مدينة بريدة بالقصيم بسبب تفاقم البطالة والفقر إضافة إلى الضرائب المكتظة”.
وأضاف الحساب الذي ينقل تسريبات من داخل القصر الملكي السعودي: “اكسروا الحصار الإعلامي المفروض على الشبان الذين كسروا حاجز الخوف وملأوا الشوارع وغردوا على هاشتاج #أدعم_تظاهرات_بريدة”.
خروج لافت
مدينة بريدة شهدت لأول مرة تظاهرة غاضبة اجتمع فيها مئات الشبان، كسروا خلالها حاجز الخوف وملأوا الشوارع، وتحدوا اجراءات الحظر المفروضة لإيصال رسالتهم الرافضة للواقع المعيشي الصعب، فيما سادت حالة من الاستنفار شرطة الحرس الوطني، تخوفا من تصاعد الاضطرابات والاحتجاجات والمواجهات، وفقا لمصادر سعودية.
النظام الأمني في المملكة الذي لم يعتد على مثل هذه التظاهرات، بدأ حملة توقيفات واعتقالات في مشهد لا يخلو من القسوة، طالت عددا من المتظاهرين، كما شهدت التظاهرات بعض الصدامات بين المواطنين قوات الشرطة.
شرطة منطقة القصيم أقرت بهذه التظاهرات، بعد امتلاء مواقع التواصل بالصور والفيديوهات التي تؤكدها، مشيرة على لسان المتحدث باسمها بدر السحيباني، إلى توقيف عدد من المتظاهرين، لامتناعهم عن التجاوب مع رجال الأمن، وعدم الامتثال لأوامر السلطات بفض تجمع مخالف للائحة الحد من التجمعات.
تجمعات احتجاجية على واقع خنق مواطني دولة نفطية هي الأغنى على مستوى البلدان العربية، وصاحبة ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، إلا أن السياسات الاقتصادية للرياض، أوصلت البلاد إلى حالة من العجز في الموازنة الجديدة تخطت سبعة وثلاثين مليار دولار، ودين عام قارب مئتين وخمسين مليار دولار.
الأغنى خليجيا.. والأكثر فقرا
تمتلك السعودية الغنية بالنفط احتياطيات من النقد الأجنبي تتجاوز 500 مليار دولار، هي الأضخم في المنطقة العربية، وتعد أكبر مصدر للنفط في العالم، إلا أنها الأكثر فقراً على مستوى دول الخليج، إذ بلغت نسبته نحو 25%، بحسب إحصاءات غير رسمية، في حين بلغت نسبة البطالة بين السعوديين 12.8% وفقاً لبيانات حكومية.
وتعد السعودية أغنى دولة خليجية من حيث إيرادات النفط، إذ يبلغ متوسط إنتاجها اليومي نحو 10 ملايين برميل، ما يدّر عليها عائدات يومية ضخمة، وحققت السعودية نمواً بعائدات الصادرات النفطية خلال الـ11 شهراً الأولى من عام 2018 بنسبة وصلت إلى 40.9% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2017.
كما أن المملكة تمتلك أكبر ميزانية بالمنطقة عام 2019، ارتفعت فيها تقديرات الإنفاق إلى 1.106 تريليون ريال (295 مليار دولار)، مقارنة بإنفاق فعلي قدره 1.030 تريليون ريال العام الماضي. وبحسب تقديرات موازنة 2019، إن إيرادات النفط ستقفز 9% إلى 662 مليار ريال (176 مليار دولار).
لكن رغم تلك الأرقام الفلكية في أرباح الأسرة الحاكمة، يتوزع ملايين الفقراء السعوديين في العديد من المناطق، ولا سيما التي تقع في الأطراف وتعاني من إهمال على مدار الحكومات المتعاقبة. وفي وقت قدّرت تقارير غير رسمية نسبة الفقر في السعودية ما بين 15 و25%، أكدت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، في تقرير سابق، تزايد معدلات البطالة والفقر، مشيرة إلى أن “ما بين مليونين وأربعة ملايين سعودي يعيشون على أقل من 530 دولارا شهريا أي (17 دولارا يوميا)، وأن الدولة تخفي نسب الفقر”.
وحول معدلات الدخل التي تدخل صاحبها في دائرة الفقر بالسعودية، حدّد تقرير اقتصادي لجمعية الملك خالد الخيرية، خط الكفاية في السعودية للأسرة المكونة من سبعة أفراد، بنحو 12486 ريالاً (نحو 3323 دولاراً أميركياً) في الشهر، معتبراً أن ما دون ذلك يدخل تحت خط الفقر، فيما حذّر البنك الدولي المملكة من خطورة ارتفاع نسب الفقر في السنوات المقبلة، وذلك في تقريره “الآفاق الاقتصادية للسعودية” الصادر في 16 إبريل 2018.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، قد قدرت في تقرير نشرته في إبريل 2018، كلفة الطلعات الجوية التي نفذها طيران التحالف في اليمن بنحو 9 مليارات دولار منذ انطلاق الحرب اليمنية، إذ تُراوح كلفة الطلعة بين 84 ألف دولار و104 آلاف، وهي كلفة الطلعة بمقاييس القوات الجوية الأميركية.
وتفيد إحصائيات منظمة العمل الدولية بأن البطالة تتفشّى وسط الشباب السعودي، لا سيَّما الإناث منهم، فقد بلغ معدل البطالة للفئة العمرية (15-24 سنة)، بحسب تقديرات المنظمة، 25% في 2017، وقُدِّر بين الذكور لنفس الفئة العمرية الشابة بـ 18.4%، مقابل النسبة الصارخة للإناث والمقدّرة بـ 46.9%.
ويعاني السعوديون من ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات، خلال الفترة الأخيرة، وأظهرت بيانات حديثة للمركز الإحصائي لدول الخليج، ارتفاع معدل التضخم بدول المجلس، بنسبة 3.7 بالمائة في ديسمبر الماضي على أساس سنوي، وأكدت البيانات أن السعودية تصدرت الخليج في هذا الصدد.
اقرأ المزيد: شقيقة الهذلول تحمل بن سلمان مسؤولية “سلامة” شقيقتها بعد الإفراج عنها
3 تعليقات