
في أواخر عام 2019، أقدمت السلطات السعودية على اعتقال الإعلامي السعودي المعروف سعيد الشهراني، دون إصدار أمر قضائي أو توجيه تهم رسمية، لتبدأ بذلك فصول واحدة من أكثر قضايا الإخفاء القسري غموضًا في المملكة. اليوم، وبعد ست سنوات كاملة من احتجازه، لا تزال عائلة الشهراني ومتابعوه يجهلون مصيره، في ظل صمت رسمي مطبق وانتهاك صارخ لكل القوانين والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
الشهراني، الذي اشتهر بتقديمه برامج متنوعة على قناة “بداية”، كان معروفًا بجرأته في تناول الموضوعات الحساسة، لم يكن يخشى التعبير عن آرائه على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة عندما يتعلق الأمر بانتقاد بعض سياسات الحكومة السعودية، لكن للأسف كلفته هذه الجرأة حريته. في أواخر عام 2019، تم اعتقاله دون أمر قضائي أو توجيه تهم رسمية، واقتيد إلى مكان مجهول، ومنذ ذلك الحين، لم يُعرف أي شيء عن مكانه أو حالته الصحية أو ظروف احتجازه، مما زاد من مخاوف عائلته على حياته بسبب السمعة السيئة التي تشتهر بها السجون السعودية.
لم تعلن الحكومة السعودية حتى الآن عن أسباب اعتقال الشهراني أو وضعه الحالي، ومع ذلك، تشير المصادر إلى أن انتقاده العلني لبعض سياسات ولي العهد محمد بن سلمان كان السبب وراء اختفائه. ورغم المناشدات العديدة من أسرته ومنظمات حقوق الإنسان، تواصل السلطات فرض تعتيم كامل على قضيته، رافضة تقديم أي معلومات أو السماح بأي نوع من الاتصال به.
تسلط هذه القضية الضوء على نمط أوسع من القمع في السعودية، حيث يتم استخدام الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري كأدوات لإسكات المعارضين وإثارة الخوف بين المواطنين. إن غياب محاكمة عادلة، وحرمان الأفراد من التمثيل القانوني، والافتقار التام للشفافية في هذه الحالات يمثل انتهاكات جسيمة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
منظمة “معًا من أجل العدالة” تؤكد أن استمرار اختفاء سعيد الشهراني منذ عام 2019 دون محاكمة أو اتصال بعائلته أو تمثيل قانوني، يُعد جريمة مكتملة الأركان وفق القانون الدولي، وتطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه، وكشف مصيره بشكل عاجل، ومحاسبة جميع المتورطين في احتجازه وإخفائه قسرًا.
اختفاء الشهراني يُعد جزء من حملة قمع أوسع ضد المعارضة في السعودية، حيث يتم استهداف النشطاء والصحفيين والمواطنين العاديين الذين يعبرون عن آرائهم المعارضة للحكومة. يتم اعتقال هؤلاء الأفراد غالبًا دون أمر قضائي، ويحتجزون دون محاكمة، ويتعرضون لمعاملة غير إنسانية، بما في ذلك التعذيب والحبس الانفرادي لفترات طويلة، وتُترك عائلاتهم في حالة من الجهل التام بمصير أحبائهم.
منظمة “معًا من أجل العدالة” تدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات ملموسة للضغط على الحكومة السعودية لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتطالب المنظمة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأفراد الذين تم اعتقالهم تعسفيًا لمجرد ممارستهم حقهم في التعبير الحر. كما تدعو إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، سواء بموجب القانون السعودي أو من خلال الآليات الدولية.
ومع استمرار تطبيع الأنظمة الدولية والمؤسسات العالمية الشهيرة مع النظام السعودي، من الضروري ألا يتم التغاضي عن حقوق الإنسان لصالح المصالح الاقتصادية والاستراتيجية. إن قضية سعيد الشهراني تمثل تذكيرًا حزينًا بالحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات عالمية لمعالجة القمع المستمر في المملكة. إن اختفاء الشهراني، والصمت الذي يحيط به، هو شهادة على المخاطر التي يواجهها أولئك الذين يتحدثون بصوت عالٍ في السعودية.



